[٣١ - أبو عبد الله بن الأعرابي، لغوي زمانه (٢٣١هـ)]
قَالَ داودُ بنُ عليٍّ: كنَّا عندَ ابنِ الأعرابيِّ، فأتاهُ رجلٌ فقالَ: يا أبَا عبدِ الله، ما معنى قولهِ تعالى:{الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *}[طه: ٥]، قالَ: هُوَ على عَرْشِهِ كمَا أَخْبَرَ، فقالَ الرجلُ: ليسَ كذلكَ! إنَّما معناهُ استولى، فقالَ: اسكُتْ، ما يدريكَ ما هذا؟ العربُ لا تقولُ للرجلِ استولى على الشيءِ حتَّى يكونَ لهُ فيهِ مضادٌّ، فأيُّهما غلبَ، قيلَ: استولى، والله تعالى لا مضادَّ لهُ، وهُوَ على عَرْشِهِ كمَا أَخْبرَ. ثمَّ قالَ: الاستيلاءُ بعدَ المُغالبةِ، قال النَّابغةُ:
ألا لمثلِكَ أو من أنتَ سابقُه ... سبقَ الجوادُ إذا استولَى على الأَمَدِ (١)
[٣٢ - أبو معمر القطيعي (٢٣٦هـ)]
قال رحمه الله:«آخرُ كلامِ الجهميَّةِ أنَّه ليسَ في السَّماءِ إلهٌ»(٢).
قال الإمامُ الذهبيُّ معقِّبًا على هذا الأثرِ:«قلتُ: بلْ قولهم: إنَّه عزَّ وجلَّ في السَّماءِ وفي الأرضِ، لا امتيازَ للسَّماءِ. وقولُ عمومِ أمَّةِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم: إنَّ اللهَ في السَّمَاءِ، يُطلقونَ ذلكَ وِفْقَ ما جاءتِ النُّصوصُ بإطلاقهِ، ولا يخوضونَ في تأويلاتِ المتكلِّمينَ، مَعَ جَزْمِ الكُلِّ بأنَّه تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١]»(٣).
(١) أخرجه الذهبي في «العلو» (ص١١٣٢)، وصححه الألباني في «مختصر العلو» (ص١٩٦). (٢) أخرجه الذهبي في «العلو» (ص١١٠٥)، وهو في «مختصر العلو» (ص١٨٨). (٣) السير (١١/ ٧٠ - ٧١). (٤) العلوّ (ص١١٢٨).