الرَّحمةُ التي تثبتهَا إنْ نزلتْ إلى السّمَاء الدُّنيا، لم يمكنْ أنْ تقولَ:«منْ يدعوني فأستجيبَ لهُ» كَمَا لا يمكنُ الملَكُ أنْ يقولَ ذلكَ ... ثمَّ إِذَا نزلتِ الرَّحمةُ إلى السَّمَاء الدُّنْيَا ولم تنزلْ إلينا، فأيُّ منفعةٍ لنَا فِي ذلكَ؟! (١).
الثالثُ:
أنَّ ألفاظَ الحديثِ تبطلُ التأويلَ بنزولِ الملَكِ، ففي بعضِ الرِّواياتِ أنَّ الرَّبَّ تعالى يقولُ إذا نزلَ:«أنا الملكُ، أنا الملكُ، منْ ذا الذي يدعُوني فأستجيبَ له»(٢)، وفي بعضها أنَّهُ تعالى يقولُ:«لا أسألُ عنْ عبادي أحدًا غيري»(٣)، وكلاهما صحيحٌ.
(١) مجموع الفتاوى (٥/ ٣٧٢ - ٣٧٣). (٢) أخرجه مسلم (٧٥٨)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (٣) أخرجه النسائي في «اليوم والليلة» (٤٧٥)، والدارمي (١٤٨١ و١٤٨٢)، وأحمد (٤/ ١٦ - ١٧) (١٦٢٦٥ و١٦٢٦٨)، وابن حبان «الإحسان» (٢١٢) عن رِفاعةَ بن عَرابةَ الجُهَنيِّ رضي الله عنه، وقال الألباني رحمه الله في «إرواء الغليل» (٢/ ١٩٨): وهذا سند صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين»، ورواه ابن ماجه (١٣٦٧) بلفظ: «لا يَسْأَلَنّ عبادي غيري»، وصححه الألباني رحمه الله في «صحيح سنن ابن ماجه» (١١٢٥). (٤) الاقتصاد في الاعتقاد (ص١٠٦).