فالله تعالى بذاتهِ وصفاتهِ خالقٌ، وما سواهٌ عالمٌ - وهوَ الكونُ - وهوَ مخلوقٌ والله تعالى فوقَ الكونِ بائنٌ عنْ خلقهِ. فليسَ وراءَ هذا الكونِ شيءٌ موجودٌ غير الله تعالى لا المسافةُ ولا غيرهَا.
فالذي يُنْكِرُ علوَّ الله تعالى على خلقهِ بشبهةِ المسافةِ. فهُوَ المُشَبِّهُ في الحَقِيقَةِ أَوَّلًا؛ لأنَّهُ قدْ شبَّهَ فوقيَّةَ الله تعالى، بفوقيَّةِ رجلٍ على سطحِ بيتهِ، ولذلكَ دخلَ في المسافةِ وكيفيَّتها.
ثُمَّ هُوَ المُعَطِّلُ ثَانِيًا؛ لأنَّهُ عطَّلَ صفةَ علوِّ الله تعالى خشيةَ المسافةِ.
ثُمَّ هُوَ المُشَبِّهُ ثَالِثًا؛ لأنَّهُ قدْ وقعَ في أشنعِ ممَّا فرَّ منهُ وهو خوفُ الوقوعِ في التَّشبيهِ. لأنَّهُ لمَّا عطَّلَ صفةَ علوِّ الله تعالى خشيةَ التَّشبيهِ وقالَ: إنَّ الله لا داخلَ العالمِ ولا خارجهُ ولا فوقهُ ولا تحتهُ؛ شبَّهَ الله تعالى بالمعدومِ بل بالممتنعِ (١).
فاسمعْ وتعقَّلْ ما يقالُ لكَ وتدبَّرْ ما يلقى إليكَ، والجأ إلى الإيمانِ بالغيبِ، فليسَ الخبرُ كالمعاينة. ودعِ المكابرةَ والمراءَ، فإنَّ المراءَ في القرآنِ كفرٌ، ما أنا قلتهُ بلِ المصطفى صلى الله عليه وسلم قاله (٢).