/وَالثَّالِثُ: أَنَّ ذَلِكَ أَحْرَى بِالسَّتْرِ، كَمَا تَقَدَّمَ بيانه (٥) في مسألة (تعيين)(٦) الْفِرَقِ، وَلَوْ فُسِّرت لَنَاقَضَ ذَلِكَ قَصْدَ السَّتْرِ،/ فَفَسَّرَ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ وَتَرَكَ مَا لَا يحتاج إليه إلا من جهة المخالفة، فالعقل وَرَاءَ ذَلِكَ مَرْمَى تَحْتَ أَذْيَالِ السَّتْرِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، فبيَّن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:"مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي"(٧)، وَوَقَعَ ذَلِكَ جَوَابًا لِلسُّؤَالِ الَّذِي سَأَلُوهُ إِذْ قَالُوا: مَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الفرقة الناجية من (اتصفت)(٨) بأوصافه صلّى الله عليه وسلّم وَأَوْصَافِ أَصْحَابِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ غَيْرَ خفي فاكتفوا به، وربما يحتاج إلى تفسيره بالنسبة إلى من بعُد (عن)(٩)(تِلْكَ)(١٠) الْأَزْمَانِ.
وَحَاصِلُ الْأَمْرِ أَنَّ أَصْحَابَهُ كَانُوا مُقْتَدِينَ بِهِ مُهْتَدِينَ بِهَدْيِهِ، وَقَدْ جَاءَ مَدْحُهُمْ في القرآن الكريم وأثنى عليهم مَتْبوعُهم مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا (كان)(١١) خُلُقه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنُ، فَقَالَ تعالى:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ *}(١٢)، فالقرآن
(١) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "الأمة". (٢) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "وهي". (٣) ساقط من (غ) و (ر). (٤) في (م): "إنما". (٥) انظر: (٣/ ١٥٨). (٦) زيادة من (غ) و (ر). (٧) سبق تخريجه (٣/ ١٢٢). (٨) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "اتصف". (٩) زيادة من (غ) و (ر) و (ت). (١٠) في (ت): "ذلك". (١١) زيادة من (غ) و (ر). (١٢) سورة القلم: الآية (٤).