وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا ... جعلنا القنا والمرهفات له نزلاً] (١).
[١٥٨ - كل شيء خلا من الناس يقال له أقوى.]
[قوله تعالى {وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ} أي منفعة للنازلين بالقواء من الأرض، وهو الخلاء والفلاة التي ليس بها أحد ... وكل شيء خلا من الناس يقال له أقوى، فالرجال إذا كان في الخلا قيل له: أقوى. والدار إذا خلت من أهلها قيل لها أقوت.
ومنه قول نابغة ذبيان:
يا دار مية بالعلياء فالسند ... ... أقوت وطال عليها سالف الأبد
وقول عنترة:
حيت من طلل تقادم عهده ... ... أقوى وأقفر بعد أم الهيثم] (٢).
١٥٩ - يقال: أُتِيَ فلان إذا أظل عليه العدو.
قال صاحب التتمة - رحمه الله -: [قوله تعالى: (فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) أتى: تأتي بعدة معان، منها: بمعنى المجيء، ومنها بمعنى الإنذار، ومنها بمعنى المداهمة.
أما معنى الآية، فإن سياق القرآن يدل على أن مثل هذا السياق ليس من باب الصفات كما في قوله تعالى:(فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِد)، أي هدمه واقتلعه من قواعده، ونظيره:(أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً)، وقوله:(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا)، وقوله:(أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا).
وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه في العَدْوَى:(أنَّى قلتَ أُتِيتَ)(٣) أي دُهِيتَ وتغيَّر عليك حِسّك فَتَوَهَّمْتّ ما ليس بصحيح صحيحا.
ويقال: أُتِيَ فلان بضم الهمزة وكسر التاء إذا أظل عليه العدو، ومنه قولهم:«من مأمنه يأتي الحذر»، فيكون قوله تعالى:(فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) أخذهم ودهاهم وباغتهم من حيث لم يحتسبوا من قتل كعب بن الأشرف وحصارهم،
(١) - (٧/ ٧٨٣ - ٧٨٤) (الواقعة/٥٦). (٢) - (٧/ ٧٩٦) (الواقعة/٧١: ٧٣). (٣) - لم أقف عليه.