وعلى هذا، فالمعنى: أرسل البحرين وخلاهما لا يختلط أحدهما بالآخر.
والإطلاق الثاني: مرج بمعنى: خلط، ومنه قوله تعالى:{فِى أَمْرٍ مَّرِيجٍ}، أي: مختلط، فعلى القول الأول: فالمراد بالبحرين الماء العذب في جميع الدنيا، والماء الملح في جميعها.] (١).
[١١٤ - عود الضمير إلى اللفظ وحده، دون المعنى.]
[أسلوب عربي معروف، وهو عود الضمير إلى اللفظ وحده، دون المعنى. وإيضاحه أن يقال في قوله:{جَعَلَ فِى السَّمَاء بُرُوجاً}، هي السماء المحفوظة، ولكن الضمير في قوله:{وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً}، راجع إلى مطلق لفظ السماء الصادق بمطلق ما علاك في اللغة، وهذا أسلوب عربي معروف وهو المعبّر عنه عند علماء العربية، بمسألة: عندي درهم ونصفه، أي: نصف درهم آخر، ومنه قوله تعالى:{وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِى كِتَابٍ}، أي: ولا ينقص من عمر معمر آخر.] (٢).
١١٥ - بات الرجل يبيت، إذا أدركه الليل، نام أو لم ينم (٣).
[قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً}(الفرقان:٦٤)، قال الزجاج: بات الرجل يبيت، إذا أدركه الليل، نام أو لم ينم، قال زهير:
فبتنا قيامًا عند رأس جوادنا ... ... ... يزاولنا عن نفسه ونزاوله
انتهى بواسطة نقل القرطبي.] (٤).
١١٦ - كل صوت غير عربيّ تسميه العرب أعجم، ولو من غير عاقل.
[قوله تعالى:{وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ}(الشعراء:١٩٨ - ١٩٩) اعلم أن كل صوت غير عربيّ تسميه العرب أعجم، ولو من غير عاقل، ومنه قول حميد بن ثور يذكر صوت حمامة:
(١) - (٦/ ٣٣٨) (الفرقان/٥٣). (٢) - (٦/ ٣٤٨) (الفرقان/٦١)، وانظر أيضاً (٦/ ٦٠٦ - ٦٠٧) (الأحزاب/٧٢). (٣) - ونوع المجاز هنا عند القائلين به هو مجاز عقلي من إسناد الفعل إلى الوقت الذي يحدث فيه، و (بات) تسند إلى الليل؛ لأن المبيت يحدث فيه. وانظر أسرار البيان (ص/١١١). (٤) - (٦/ ٣٥٠) (الفرقان/٦٤).