شبهة طلب معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - للخلافة
قد شاع بين الناس قديمًا وحديثًا أن الخلاف بين علي ومعاوية - رضي الله عنهما - كان سببه طمع معاوية في الخلافة، وأن خروج معاوية على علي وامتناعه عن بيعته كان بسبب عزله عن ولاية الشام.
لكن الصحيح أن الخلاف بين علي ومعاوية - رضي الله عنهما - كان حول مدى وجوب بيعة معاوية وأصحابه لعلي قبل إيقاع القصاص على قتلة عثمان أو بعده، وليس هذا من أمر الخلافة في شيء.
فقد كان رأيُ معاوية - رضي الله عنه - ومن حوله من أهل الشام أن يقتص علي - رضي الله عنه - من قتلة عثمان ثم يدخلوا بعد ذلك في البيعة.
يقول إمام الحرمين الجويني:«إن معاوية وإن قاتل عليًا فإنه لا ينكر إمامته ولا يدعيها لنفسه، وإنما كان يطلب قتلة عثمان ظنًا منه أنه مصيب، وكان مخطئًا»(١).
ويذكر ابن كثير أن أبا الدرداء وأبا أمامة - رضي الله عنهما -، دخلا على معاوية فقالا له:«يا معاوية! عَلَامَ تقاتل هذا الرجل؟ فوالله إنه أقدم منك ومن أبيك إسلامًا، وأقرب منك إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وأحق بهذا الأمر منك». فقال:«أقاتله على دم عثمان، فاذهبا إليه فقولا: فليقدْنا من قتلة عثمان ثم أنا أول من أبايعه من أهل الشام»(٣).
(١) في لمع الأدلة (ص ١١٥). (٢) مجموع الفتاوى (٣٥/ ٧٢). (٣) البداية والنهاية (٧/ ٣٦٠).