وعن محمد بن نصر بسنده عن مكحول أن أصحاب علي - رضي الله عنه - سألوه عمن قُتِل من أصحاب معاوية:«ماهم؟».
قال:«هم مؤمنون»(١).
وعن عبد الواحد بن أبي عون قال:«مر علي ـ وهو متوكئ على الأشتر ـ على قتلى صِفِّين، فإذا حابس اليماني مقتول: فقال الأشتر: «إنا لله وإنا إليه راجعون هذا حابس اليماني معهم يا أمير المؤمنين عليه علامة معاوية، أما والله لقد عهدته مؤمنًا»، قال علي:«والآن هو مؤمن»(٢).
إن عليًّا - رضي الله عنه - لم يكن يَعُدّ محاربيه كفارًا، ولقد أقرّ بذلك الشيعة أنفسهم حيث أوردوا نفس الرواية التي أوردها أهل السنة في كتبهم: فقد ذكر الحميري الشيعي عن جعفر عن أبيه أن عليًّا - عليه السلام - كان يقول لأهل حربه:«إنا لم نقاتلهم على التكفير لهم ولم يقاتلونا على التكفير لنا، ولكنا رأينا أنّا على حق ورأوا أنهم على حق».
وروى رواية أخرى عن جعفر عن أبيه محمد الباقر:«إن عليًا - عليه السلام - لم يكن ينسب أحدًا من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق ولكن يقول: «هم إخواننا بغوا علينا»(٣).
وقد تقدَّم ثناء معاوية على عليٍّ - رضي الله عنهما - واعترافُه بفضله كما جاء في حواره مع أبي مسلم الخولاني لما قال له:«أَنْتَ تُنَازِع عَلِيًّا فِي الْخِلَافَة أَوْ أَنْتَ مِثْله؟»، قَالَ:«لَا، وَإِنِّي لَأَعْلَم أَنَّهُ أَفْضَل مِنِّي وَأَحَقّ بِالْأَمْرِ») (٤).
(١) منهاج السنة (٥/ ٢٤٥). (٢) نفس المصدر والصفحة. (٣) قرب الإسناد للحميري الشيعي (ص ٤٥) ط. إيران. (٤) فتح الباري (١٣/ ٩٢).