وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ [الحشر/ ١٩] أي: كالذين تركوا طاعة الله وأمره، فأنساهم أنفسهم، أي: لم يلطف لهم كما يلطف للمؤمنين في تخليصهم أنفسهم من عقاب الله، والتقدير: ولا تكونوا كالذين نسوا أمر الله أو طاعته، فأنساهم تخليص «١» أنفسهم من عذاب الله «٢» وجاز أن ينسب الإنساء إليه. وإن كانوا هم الفاعلون له والمذمومون عليه، كما قال:
وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى [الأنفال/ ١٧]، فأضاف «٣» الرمي إلى الله سبحانه لما كان بقوته، وإقداره، فكذلك نسب الإنساء إليه، لمّا لم يلطف لهذا المنسى «٤» كما لطف للمؤمن الذي قد هدي، وكذلك قوله: وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا [الجاثية/ ٣٤] أي:
نسيناكم كما نسيتم الاستعداد للقاء يومكم هذا، والعمل في التخلص من عقابه. وأما قوله «٥»: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ [الكهف/ ٢٤] فعلى معنى التّرك، لأنه إذا كان المقابل للذكر لم يكن مؤاخذا. ومما هو خلاف الذكر، قوله: فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى [طه/ ٥٢] فقوله: لا يَضِلُّ رَبِّي هو في تقدير حذف الضمير العائد إلى الموصوف. وقال «٦»: فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ [طه/ ٨٨] ففي قوله: نسي، ضمير السامري، أي: ترك التوحيد باتخاذه العجل.
(١) في (ط): تخليصهم. (٢) في (ط): الله عز وجل. (٣) في (ط): فأضيف. (٤) رسمت المنسى في الأصل بالألف الممدودة. (٥) في (ط): قوله عز وجل. (٦) في (ط): وقال عز وجل.