القسم الثاني: أن يدعي أحدهما أن الثمن كله فاسد، كما إذا قال: بعتك بألف درهم، فقال: بل بخمر، ففيه طريقان: أحدهما: إجراء الوجهين كما تقدم، والثانية: أن القول قول مدعي الفساد بلا خلاف نقلها صاحب "التهذيب"(١)؛ لأنه لم يقر بشيء يلزمه، ولك أن تقول: هو أقر بالبيع والأصل عدم ورود البيع بما يدعيه كل واحد من الثمن وجانب الصحة معتضد بالظاهر على ما تقدم.
المرتبة الثالثة: أن يختلفا في شيء يكون وجوده شرط لصحة العقد كالرؤية، فالذي جزم به القاضي حسين أن المشتري إذا قال: لم أر المبيع، إن القول قوله؛ لأن الأصل عدم الرؤية.
وقال الغزالي في "فتاويه": القول قول البائع؛ لأن إقدام المشتري على العقد اعتراف بصحته.
وقال النووي في "الروضة"(٢): إنها مسألة اختلافهما في شرط مفسد، وأن الأصح أن القول قول مدعي الصحة، وعليه فرعهما الغزالي (٣)، وما ذكره القاضي حسين أظهر، أما إذا قلنا: ليست الرؤية بشرط، واختلفا هكذا لأجل ثبوت الخيار.
قال الغزالي: الأصح أن القول قول المشتري، وهو ظاهر، ومن جملة ما استدل به الأصحاب؛ لقبول قول مدعي الصحة القياس على من فرغ من الصلاة، ثم شك هل ترك ركنًا، فإنه لا يجب عليه الإتيان به؛ لأن الظاهر صحة الصلاة، التفريع إذا ادعى البائع ثمنًا صحيحًا، والمشتري ثمنًا فاسدًا، وقبلنا قول مدعي الصحة، فكيف نعمل؟!
(١) التهذيب (٣/ ٥٠٥). (٢) روضة الطالبين (٤/ ٣٩١). (٣) الوسيط في المذهب (٣/ ٢٠٦).