ويكون القاضي أبو الطيب أراد التنصيص على المسألة المنقولة عن الشافعي.
والقفال ذكر مثالًا آخر من تلك القاعدة، وكل ذلك راجع إلى أصل واحد، وليس هذا من الأقوال المخرجة التي يمتنع المصنف من نسبتها إلى الشافعي.
وأما الذي ذكره الرافعي من التخريج على قولي تقابل الأصل والظاهر، فليس فيه مخالفة لذلك وكلاهما صحيح، فإن المقصود بما تقدم ذكر أصل الوجهين من كلام الشافعي؛ إثباتًا لنقلهما في المذهب، ثم بعد ذلك يتصدى للنظر في توجيههما، وكذلك نقل القاضي أبو الطيب فوجههما بعد ثباتهما على مسألة الكفالة وجه قول مدعي الصحة بالظاهر، وقول مدعي الفساد بالأصل.
والمصنف وجه كلًّا منهما بالأصل وجعلهما من تقابل الأصلين، وكلا المسلكين صحيح.
أما الأول: فلأن الظاهر من العقود الصادرة من أربابها أنها على الصحة والسلامة، والأصل عدم العقد بينهما، فكان ذلك من باب تقابل الأصل والظاهر.
وأما الثاني: فلأنه كما أن الأصل عدم العقد الصحيح، كذلك الأصل عدم الشرط المفسد، فكان ذلك من باب تقابل الأصلين.
وبهذا التقرير يعلم أن جانب الصحة اجتمع فيه أمران: الأصل والظاهر، وجانب الفساد اعتضد بأصل مجرد، فلذلك كان الأصح أن القول قول مدعي الصحة ترجيحًا للأصل، والظاهر على الأصل وحده، لكن ما ذكره القاضي أبو الطيب والرافعي من التخريج على الأصل، والظاهر مطرد في جميع الصور.