للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن القول قول المكفول له مع يمينه، وتكون الكفالة صحيحة، ويطالب بتسليم المكفول ببدنه.

والأصل الثاني: ما تقدم عن القفال أن أصلهما القولان، فيمن قال لفلان: علي ألف من ثمن خمر، هل يؤاخذ بأول كلامه أم يقبل كونه من ثمن خمر ويلغو؟! فإن قلنا: بالثاني، فالقول قول مدعي الفساد، وإن قلنا: بالأول، فالقول قول مدعي الصحة.

ونقل الرافعي ، عن الأئمة تخريج الوجهين على هذين الأصلين، ثم قال: "ولمخرج أن يخرج الوجهين على قولي تقابل الأصل والظاهر" (١).

قلت: أما الأصلان اللذان ذكرهما القاضي (٢) أبو الطيب والقفال فهما راجعان إلى شيء واحد، وهو أنا هل نعتبر كلام المقر بجملته أو نبعِّضه، فإن اعتبرناه بجملته قبلنا قول مدعي الفساد، وإن بعَّضنَا، فالقول قول مدعي الصحة، فليس بين ما ذكره أبو الطيب وما ذكره القفال اختلاف إِلَّا في المثال خاصة، ويدلك على ذلك لفظ المزني في "المختصر" الذي تمسك به القاضي أبو الطيب، فإنه قال: ولو أقر أنه كفل له بمال على أنه بالخيار وأنكر المكفول له الخيار، فمن جعل الإقرار واحدًا أحلفه على الخيار وأبرأه؛ لأنه لا يجوز بخيار.

ومن زعم أنه يبعض إقراره ألزمه ما نصره، وأسقط ما ادعى المخرج به، ولعل هذا مستند المصنف في حكايته الخلاف في المسألة قولين في "التنبيه" (٣)، فإن هذا أيضًا مثال من جملة الأمثلة التي يقال فيها بتبعيض الإقرار وباتخاذه، وقد ثبت القولان في القاعدة، فيجري في جميع أمثلتها،


(١) فتح العزيز (٩/ ١٦٦).
(٢) كرر هنا كلمة "القاضي" وهي زيادة بدون فائدة.
(٣) التنبيه (ص: ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>