وقول المصنف: ولو صدَّق أحدهما وكذَّب الآخر أو صدَّقهما وعيَّن السابق منهما، فالرهن للمصدق، قال ابن أبي عصرون: أو للسابق. قلت: ويمكن تصحيح كلام المصنف بأن تعيين السابق تصديق أيضًا في دعوى السبق، فمعناه: فالرهن للمصدق في دعواه جميعها، وهي الرهن وحده في المسألة الأولى، والرهن مع السبق في المسألة الثانية وتصديق الراهن هنا مقبول بالاتفاق إذا كان العبد في يده، أو في يد وكيله، أو أجنبي ليس من جهته، ولا من جهة المرتهنين والعدل سنتكلم عليه في الآخر.
وفي هذه الحالة يظهر التقسيم واحتراز المصنف بقوله: والعبد في يد الراهن أو في يد العدل، ففي هذه الحالة القول قول الراهن قطعًا، وهل يختلف؟ قولان؛ المنصوص منهما في هذا الموضع: أن لا يمين عليه؛ لأن اليمين تجب؛ زجرًا للمستحلف ليرجع عنها، فيحكم برجوعه، وهذا الراهن لو رجع عن إقراره لم يحكم برجوعه، فلم يكن لوجوب اليمين عليه وجه. وهذا القول هو الأصح في "التهذيب"(١) و"البحر".
والقول الثاني: أنه عليه اليمين وإن لم يقبل رجوعه؛ لأنه قد يستفاد بها إن نكل أن يرد على المكذب، فيستحق بها إن حلف ما سنذكره، وهذا القول ذكر الماوردي "أنه مخرج من قوله في "الإملاء" في الزوجة إذا أنكحها وليَّان، فصدقت أحد الزوجين، أن عليها اليمين في أحد القولين، ومن الراهن إذا أقر بجناية عبده المرهون، وقبل قوله: إن عليه اليمين في أحد القولين"(٢)، وذكر المصنف، والقاضي حسين، والإمام، والرافعي (٣)، وغيرهم، أن القولين في تحليف الراهن يبنيان على القولين فيمن أقر لزيد،
(١) التهذيب (٤/ ٧٣). (٢) الحاوي الكبير (٦/ ٢٢٥) بمعناه. (٣) فتح العزيز (٧/ ٣٢١).