وقول المصنف:"فسخ الرهن" ظاهره أنه يحتاج إلى إنشاء فسخ وهو يحتمل أمرين؛ أحدهما: أن يكون كالتحالف يفتقر - على الأصح - إلى فسخ المتعاقدين أو الحاكم على ما بيّن في بابه، ويكون موافقًا لما تقدم عن الشيخ أبي محمد.
والثاني: أن يلحقه بمسألة الزوجة، كما يشعر به كلامه.
لكن القول بإنشاء الفسخ في الزوجة ضعيف، وقد صرح المصنف في كتاب النكاح في مسألة الزوجة ببطلان العقدين، والقياس التسوية بين البابين، ويحمل ما أطلقه في أحدهما على ما ذكره في الآخر:
إما أن يقال بالفسخ فيهما لتحققنا تقدم عقد، فلا بد في رفعه من فسخ، وإما أن يقال: ما لم يتعين، لا يثبت له حكم فوجوده كعدمه، فيحكم بالبطلان من أصله.
وقياس إلحاق المصنف ما نحن فيه بمسألة الزوجة - وهو إلحاق صحيح: أنه لو عرف السابق ثم نسي يتوقف إلى البيان قطعًا كنظيره في الزوجة، وفيما إذا لم يعرف السابق لكن علم أن أحدهما بعينه سابق فيه وجه بالوقف. وقياسه أن يأتي هنا - كما صرح به ابن داود - قال الماوردي:"إن حلف الراهن فمذهب الشافعي أن الرهن مفسوخ وسواء أكان الرهن في يده أو في يد أحد المرتهنين"(١). انتهى.
وهو يبين أن هذا الحكم أيضًا لا يختص بحالة أن يكون الرهن في يد الراهن أو العدل، بل هو عامٌّ كما قلناه حالة التكذيب، فلو قدمه المصنف على التقسيم لكان أحسن.