للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينهما إلَّا بالفسخ.

واعلم أن كون كل منهما يحلف صاحبه رأيته في كلام الإمام مجزومًا به، ولم يذكره الرافعي، بل قال: "إن لم يدعيا السبق أو صدقاه، فوجهان؛ أحدهما: يقسم. والثاني: يحكم ببطلان العقد" (١)، فإما أن يكون في كلامه إطلاق يقيده كلام الإمام.

وإما أن يقال: إن ذلك يخرج على أن المرتهن هل يخاصم، فإن منعناه لم يكن لكل منهما تحليف صاحبه؛ لأنه لا يدعي عليه، فكيف يحلفه فينبغي أن يكون التداعي بين المرتهنين مبنيًّا على أن المخاصم في الرهن المالك أو المرتهن، ويكون ما قاله الإمام مفرعًا على أن للمرتهن المخاصمة، وما ذكره الرافعي مقرعًا على أنه ليس له المخاصمة.

ولهذا لم يحك الرافعي في المسألة في جميع الأحوال إلَّا قول الفسخ، ووجه القسمة خاصة.

نعم، ما حكاه ابن داود من قول الوقف ينبغي أن يجري، سواء أقلنا للمرتهن المخاصمة أو لا، فإنا إن قلنا: لا يخاصم انتهت الخصومة يحلف الراهن فيوقف حينئذ.

وإن قلنا: يخاصم فيوقف إذا انتهت الخصومة بنكولها أو حلفها ويخرج حينئذٍ من هذا أن يحلف الراهن يأتي أربعة أوجه؛ أصحها: الفسخ. والثاني: القسمة. والثالث: الوقف. والرابع: يتداعى المرتهنان فيما بينهما؛ لأن يمين الراهن كانت لنفي العلم لا لنفي الرهن، وهو المختار، وقد قلنا: إن الغزالي صححه، وصححه الإمام أيضًا في آخر كلامه، فإذا حلفا أو نكلا، جرت الأوجه الثلاثة كما ذكرناه في أول الكلام،


(١) فتح العزيز (٤/ ٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>