للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الإمام، فإنه لم يرتض الفرق بين البيع والرهن، واختار تعليل الجواز في الحال بأن الحلول في الرهن قرينة حالة محل شرط القطع، وفي هذه الدعوى نظر، ولو قال حالة محل شرط البيع بشرط القطع، لكان ربما يسلم له مع أنه لا يسلم كما مر، وأما شرط القطع، فلا دليل للحلول، ولا للرهن عليه، وإنما لم يسلم له شرط البيع أيضًا؛ لأن الغالب ممن يأخذ الرهن الصبر، وإن كان دينه حالًّا ومتى قصد تعجيل حقه طالب به، وأعرض عن الرهن لكن الإمام مشى على قاعدته، فقال فيما إذا كان الأجل يحل قبل الصلاح، ورهن بشرط ألا يباع بشرط القطع: "ففي صحة الرهن قولان: أحدهما: لا يصح كما لو شرط في البيع، أن يقطع بعد يوم فالبيع، يفسد لتضمنه شرط التبقية، ولو في زمن قريب، فليكن الرهن كذلك.

والثاني: يصح الرهن، ولم يوجه الأصحاب هذا القول إلا بالمعنى الضعيف، وهو أن البيع لو بُني على الغرر خيف سقوط العوض والمعوض بتقدير التلف، والرهن لو ضاع لم يضع الدين" (١)، وذكر أن هذا المعنى ضعيف وإن ذكره الأئمة قال: "ثم رتب أئمتنا القولين في رهن الثمار قبل بدو الصلاح في الصورة التي نصصنا عليها، والدين مؤجل على القولين والدين حال، ولا شك أن الرهن بالفساد أولى إذا كان الدين مؤجلًا، ولو لم يجز تعرض للقطع عند المحل، ففي الرهن قولان مرتبان على القولين فيه إذا تعرض لذكر القطع عند المحل والأخيرة أولى بالفساد، فإن كان الصلاح يبدو قبل الحلول فقد قال الشيخ أبو علي: بدو الصلاح عند المحل، كشرط القطع عند المحل إذا كان الصلاح لا يبدو، فتنزل المسألة في ترتيب المذهب منزلة ذكر القطع عند المحل، فإن سقوط شرط القطع بالصلاح عند


(١) نهاية المطلب (٦/ ٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>