٥٣٥ - (خ) سعيد بن جبير - رحمه الله - قال: قال رجلٌ لابن عبَّاسٍ: إني أجدُ في القرآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ، قال: ما هُوَ؟ (١) قال: {فلا أَنْسَابَ بينهم يومئذٍ ولا يتَساءَلُونَ}[المؤمنون: ١٠١] ، وقال:{وأَقْبَلَ بعضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يتساءَلُونَ}[الصافات: ٢٧] ، وقال:{ولا يَكْتُمونَ اللَّهَ حديثاً}[النساء: ٤٢] ، وقال:{واللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكين}[الأنعام: ٢٣] ، وقد كتموا في هذه الآية، ⦗٦٤⦘ وفي [النازعات: ٢٧]{أَم السماءُ بناها. رفعَ سمْكها فسوَّاها. وأَغْطش ليلها وأَخرج ضُحاها. والأرضَ بعد ذلك دَحَاها} فذكر خلقَ السماء قبلَ خلقِ الأرضِ، ثم قال:{أَئِنَّكم لتكْفُرون بالذي خلق الأرضَ في يومين - إلى - طائعينَ}[فصلت: ٩ - ١١] فذكر في هذه خلْقَ الأَرض قبلَ خلقِ السَّماءِ، وقال:{وكان اللَّهُ غفوراً رحيماً}[الأحزاب: ٥٠] وقال: {وكان اللَّهُ عزيزاً حكيماً}[الفتح: ١٩] وقال: {وكان اللَّهُ سميعاً بصيراً}[النساء: ١٣٤] فكأنه كان، ثمَّ مضى، قال ابن عباس:{فَلا أَنساب بينهم} في النفخة الأولى، يُنفخ في الصور، فيصعقُ منْ في السموات ومَن في الأرضِ إلا من شاء اللهُ، فلا أَنسابَ بينهم عند ذلك، ولا يتساءلون، ثم في النَّفخَةِ الآخرةِ: أقبلَ بعضُهم على بعض يتساءلون، وأما قوله:{واللَّهِ ربِّنا ما كنَّا مُشْركين}{ولا يكْتُمونَ اللَّهَ حديثاً} ، فإنَّ الله يغفرُ لأهل الإخلاص ذنوبَهُمْ، فيقولُ المُشْركُ: تعالَوْا نقولُ: ما كُنَّا مُشركين، فيخْتِمُ اللَّهُ على أفواهِهِمْ، فتَنطِقُ جوارِحُهُمْ بأعمالهم، فعند ذلك عُرفَ أنَّ الله لا يُكْتُمُ حديثاً، وعندهُ:{رُبَما يوَدُّ الذينَ كفرُوا لَوْ كانوا مُسلمين} وخلق الأرضَ في يومين، ثُمَّ استوى إلى السماء، فسواهن سبع سمواتٍ في يومين آخرين، ثم دحى الأرض، أي: بسَطها، وأخرج منها الماء والمرعى، وخلق فيها الجبال والأشجارَ، والآكام وما بينهما في يومين آخرين، فذلك قوله:{والأرض بعدَ ذلكَ دَحَاها}[النازعات: ٣٠] فخُلِقت الأرضُ وما فيها من شيءٍ في ⦗٦٥⦘ أربعةِ أيامٍ، وخُلِقَتِ السَّمواتُ فِي يومَيْنِ، وقولُه:{وكانَ اللَّهُ غفُوراً رحيماً} سمَّى نفسهُ ذلك، أي: لم يزلْ، ولا يزالُ كذلكَ، وإن الله لم يُرِدْ شيئاً إلا أصابَ بهِ الذي أرادَ. وَيْحَكَ، فلا يختلفْ عليك القرآنُ، فإنَّ كُلاً من عند الله. أخرجه البخاري (٢) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(دحاها) دحا الأرض: بسطها.
(فصعق) صعق الإنسان: إذا غشي عليه. وإذا مات.
(الآكام) : جمع أكمة، وهي الروابي الصغار.
(جوارحهم) الجوارح: جمع جارحة، وهي الأعضاء، كاليد والرجل ونحو ذلك.
(١) قال الحافظ: زاد عبد الرزاق في رواية عن معمر عن رجل عن المنهال بسنده، فقال ابن عباس: ما هو أشك في القرآن؟ قال: ليس بشك، ولكنه اختلاف، فقال: هات ما اختلف عليك من ذلك قال: أسمع الله يقول. (٢) ٨ / ٤٢٧، ٤٢٩ في تفسير سورة حم السجدة.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية] صحيح: أخرجه البخاري - في التفسير (٤١: ١: ٢) حدثني يوسف بن عدي حدثنا عبيد الله بن عمروهعن زيد بن أبي أنيسه عن المنهال عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس تحفة الأشراف (٤/٤٥٢)