الغد طاف بالبيت، ثم جاء وامتدَّ على وجه الأرض، فقلتُ: هو ذا يَتَماوَتُ، فذهبتُ إليه وحرَّكتُه فإذا هو ميتٌ، فدفنتُه كما أمر.
ومن كلامه: مَفاوزُ الدُّنيا تُقطَع بالأقدام، ومَفاوزُ الآخرة بالقلوب.
وقال: العابد (١) يَعبُد الله تحذيرًا، والعارف يَعبد الله تشريفًا.
وقال: احتَرِزُوا من الناس بسوء الظنِّ بأنفسكم لا بالناس.
وقال: مَن كان شَبَعُه بالطعام لم يزل جائعًا، ومَن كان غِناهُ بالمال لم يَزل فقيرًا، ومَن قَصَدَ بحاجته الخَلْق لم يزل مَحرومًا، ومَن استعان على أمره بغير الله كان مَخْذولًا.
وقال: الدنيا بحرٌ والآخرة ساحل، والمَركبُ التَّقوى، والناس سَفْرٌ.
وقال في تفسير قوله تعالى: ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ [يوسف: ٢٠]: لو جعلوا ثمنَه الكونَين لكان بَخْسًا في جانب مُشاهدته (٢).
ذكر وفاته:
حكى في "المناقب" عن أبي الحسن المُزَيِّن قال: جلستُ عند رأس يعقوب (٣) وهو في النَّزْع، فقلتُ له: قل: لا إله إلا الله، فتبسَّم وقال: إيَّايَ تعني! وعِزَّةِ مَن لا يذوقُ الموتَ، ما بقي بيني وبينه إلا حجاب العِزَّة (٤)، ثم طَفئ من ساعته، فكان المُزَيِّن يقبضُ على لحيته ويقول: حَجَّام مثلي يُلَقِّن أولياءَ الله الشهادة، ثم يبكي ويقول: واخَجْلَتاه.
صحب النَّهْرَجوري سَهْلَ بن عبد الله التُّسْتَري والجُنَيد وغيرهما.
(١) في (م ف م ١): كما أمر وحكى عنه أبو عبد الرَّحمن السلمي أنه قال: مفاوز … وحكى عنه في المناقب أنه قال: العابد. والمثبت من (خ)، وانظر طبقات الصوفية ٣٧٩، ومناقب الأبرار ٢/ ٩٨ - ٩٩. (٢) بعدها في (ف م ١): والحمد لله وحده وصلى الله على أشرف خلقه محمد وآله وصحبه وسلم. (٣) في (خ): ذكر وفاته قال المزين جلست عند رأسه، والمثبت من (م ف م ١)، والخبر في مناقب الأبرار ٢/ ١٠٤. (٤) في (خ م): المغفرة.