فأمسك ندا كفيكَ عنِّي ولا تَزِد … فقد خفتُ أنْ أَطغى وأن أتجبَّرا
فقال له المتوكِّلُ: لا والله، ما أمسكُ حتى يغرقك جودي، ولا بدَّ أنْ تسألَ حاجةً، فقال: يا أمير المؤمنين، الضيعةُ التي أمرتَ بإقطاعي إيَّاها باليمامة، ذكر ابنُ المدبِّر أنَّها وقفٌ من المعتصم على ولده، ولا يجوز إقطاعها، قال: فإنِّي أقبلكها بدرهم في السنة مئَة سنة (١)، فقال: ما يحسن أن يؤدَّى درهم في الديوان، فقال ابن المدبِّر: فألف درهم؟ قال: نعم. ثم أطلقَ له ضياعًا كثيرةً، ولم يعطِ خليفةٌ شاعرًا ما أعطاهُ المتوكِّل (٢).
وقال الخطيب: كانت عدَّةُ نَوْبَةٍ من نُوَب الفرَّاشين في دار المتوكِّل أربعة آلاف فرَاش (٣).
وقال عليّ المنجِّم: خرجنا مع المتوكِّل إلى دمشق، فلحقتنا ضائقةٌ بسبب النفقات، فاقترضتُ من بَخْتيشُوع عشرين ألف درهم، وبلغَ المتوكل، فدخلت عليه بعد يومين، فقال: يا عليّ، لك عندي ذنبٌ عظيم، فقلت: ما أعرف لي ذنبًا ولا جناية، فقال: بلى، استقرضتَ من بختيشوع عشرينَ ألف درهم، هلّا أعلمتني؟ فقلت: صلاتُ أميرِ المؤمنين عندي متواترة، وأرزاقُه كثيرةٌ، فاستحييتُ أن أسألَه، فقال: ولم؟ إيَّاك أن تستحي مني، وأن تعاودَ إلى مثلها، وأمر لي بمئةِ ألف درهم (٤).
وقال الخطيب: اعتلَّ عبيد الله بن يحيى بن خاقان، فأمر المتوكِّلُ الفتحَ بن خاقان يعوده، فعاده وقال: أمير المؤمنين يسلِّم عليك، فقال عبيد الله:[من الهزج]
عليلٌ من مكانين … من الأسقامِ والدَّينِ
وفي هذين لي شُغْلٌ … وحسبي (٥) شغلُ هذين
(١) في (خ) و (ف): فإني أقيلكها بدراهم في كل سنة مئة ألف. والمثبت من تاريخ الطبري ٩/ ٢٣٢. (٢) من قوله: دخل مروان بن أبي الجنوب عليه فأنشده … إلى هنا ليس في (ب). (٣) تاريخ بغداد ١/ ٤١٧. (٤) تاريخ بغداد ٨/ ٤٩ - ٥٠. (٥) في (خ) و (ف): وجسمي.