وقيل: إن الميت كان عمَّه، وقيل: إنما خرج لزيارة صديقٍ له، وهو ابن ثمان عشرة سنة، فجلسَ بها ثم عادَ إلى الكوفة.
قال الخطيب: مرَّ سفيانُ ببغداد فرأى جلَّادًا كان يجلد الناس، وقد عمِي وهو يتصدَّق، فأعطاه قطعةً وقال: ليس هذه صدقةً عليك، هذه شماتةٌ بك (١).
وروى الخطيب عن علي بن ثابت قال: رأيتُ الثوريَّ في طريق مكَّة، فقوَّمت كلَّ شيءٍ عليه حتى نعليه: درهم وأربعة دوانيق (٢).
وروى الخطيب عن يوسف بن أسباط قال: صلينا العشاء الآخرة، فقال لي سفيان: ناولني المَطْهرة، فناولته إيَّاها، فأخذَها بيمينه، ووضعَ يساره على خدِّه، ونمتُ فما استيقظتُ إلَّا وقد طلع الفجر، فنظرتُ فإذا المطهرةُ بيمينِه، ويساره على خده، وهو بحاله، فقلت له: ما هذا؟ فقال: لم أزل منذ ناولتني المَطْهرة أتفكَّر في أمرِ الآخرة حتَّى الساعة (٣).
وروى الخطيب عن يوسف بن أسباط قال: قال سفيان: إنَّ فجَّارَ القرَّاء اتَّخذوا القرآنَ سلَّمًا إلى الدنيا، فقالوا: ندخل على الأمير، نفرِّج عن المكروب، ونتكلَّم في المحبوس (٤).
قال: وكان سفيان لا يقبلُ برَّ أحد، وكانَ معه نحوٌ من مئتي دينارٍ يَتَّجِرُ له بها قوم.
وحكى الخطيب أيضًا عن محمد بن عبد الوهاب قال: ما رأيتُ الفقراء أعزَّ منهم في مجلس سفيان ولا رأيتُ الأغنياء أذلَّ منهم في مجلسه (٥).
وروي عن سفيان الثوري أنَّه قال: لقد خفتُ الله خوفًا، وددت أنِّي خُفِّف عنِّي؛ لئلا يذهب عقلي.
قال: وقال يوسف بن أسباط: كان سفيان إذا أخذ في الفكر بالَ الدم (٦).
(١) تاريخ بغداد ١٠/ ٢٢١. (٢) تاريخ بغداد ١٠/ ٢٣٠. (٣) تاريخ بغداد ١٠/ ٢٢٥. (٤) لم أقف عليه في تاريخ بغداد، وذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة ٣/ ١٤٩ من رواية صالح بن خليفة الكوفي عن سفيان. (٥) تاريخ بغداد ١٠/ ٢٣٠ وفيه: الفقر … الغنى. بدل: الفقراء. . . الأغنياء. (٦) انظر حلية الأولياء ٧/ ٢٣، وصفة الصفوة ٣/ ١٤٨، ١٤٩.