وهي مكّيّة كلّها غير آية منها، وهي قوله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ «١» فإنها نزلت عليه وهو بالجحفة في وقت خروجه للهجرة، هذا قول ابن عباس. وروي عن الحسن، وعطاء، وعكرمة: أنها مكّيّة كلّها. وزعم مقاتل: أنّ فيها من المدنيّ: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) إلى قوله تعالى: لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ «٢» وفيها آية ليست بمكّيّة ولا مدنيّة وهي قوله تعالى:
قوله تعالى: طسم قد سبق تفسيره «٣» . قوله تعالى: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ أي: طغى وتجبَّر في أرض مصر وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً أي: فِرَقاً وأصنافاً في خدمته يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ وهم بنو إِسرائيل، واستضعافه إِيّاهم: استعبادُهم، إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ بالقتل والعمل بالمعاصي.
يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وقرأ أبو رزين، والزهري، وابن محيصن، وابن أبي عبلة:«يَذْبَحُ» بفتح الياء وسكون الذال خفيفة. قوله تعالى: وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ أي: نُنْعِم عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا وهم بنو إِسرائيل، وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً يُقتدى بهم في الخير وقال قتادة: وُلاةً وملوكاً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ لمُلك فرعون بعد غَرَقه. قوله تعالى: وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف:«ويَرِى» بياء مفتوحة وإِمالة الألف التي بعد الراء «فرعونُ وهامانُ وجنودُهما» بالرفع. ومعنى الآية: أنهم أُخبِروا أن هلاكهم على يَدَي رجل من بني إِسرائيل، فكانوا على وَجَل منهم، فأراهم اللهُ ما كانوا يَحْذَرون.
(١) القصص: ٨٥. (٢) القصص: ٥٥. (٣) مضى الكلام على ذلك في أول سورة البقرة.