عمرو بن سفيان عن ابن عباس قال: السَّكَرُ: ما حرِّم من ثمرتها، وقال هؤلاء المفسرون: وهذه الآية نزلت إِذْ كانت الخمرة مباحة، ثم نسخ ذلك بقوله: فَاجْتَنِبُوهُ «١» ، وممن ذكر أنها منسوخة، سعيد بن جبير، ومجاهد، والشعبي، والنخعي. والثاني: أن السَّكَر: الخَلّ، بلغة الحبشة، رواه العَوفي عن ابن عباس. وقال الضحاك: هو الخل، بلغة اليمن. والثالث: أن «السَّكَر» الطُّعْم، يقال: هذا له سَكَر، أي:
طُعْم، وأنشدوا:
جَعَلْتَ عَيْبَ الأَكْرَمِيْن سَكَرا «٢»
قاله أبو عبيدة. فعلى هذين القولين، الآية محكمة. فأما الرزق الحسن، فهو ما أُحِلَّ منهما، كالتمر، والعنب، والزبيب، والخل، ونحو ذلك.
قوله تعالى: وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ في هذا الوحي قولان: أحدهما: أنه إِلهام، رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، والضحاك، ومقاتل. والثاني: أنه أمر، رواه العوفي عن ابن عباس. وروى ابن مجاهد عن أبيه قال: أَرسل إِليها. والنحل: زنابير العسل، واحدتها نحلة، و «يَعرِشون» يجعلونه عريشاً، وقرأ ابن عامر، وأبو بكر عن عاصم «يَعْرُشُون» بضم الراء، وهما لغتان، يقال:«يعرِش» و «يعرش» مثل «يعكف» و «يعكف» ثم فيه قولان: أحدهما: ما يعرشون من الكروم، قاله ابن زيد.
والثاني: أنها سقوف البيوت، قاله الفراء، وقال ابن قتيبة: كل شيء عُرِش، من كرم، أو نبات، أو سقف، فهو عَرْش، ومعروش. وقيل: المراد ب «مما يعرشون» : مما يبنون لهم من الأماكن التي تلقي فيها العسل، ولولا التسخير، ما كانت تأوي إِليها.
قوله تعالى: ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ قال ابن قتيبة: أي: من الثّمرات، و «كلّ» ها هنا ليست على العموم، ومثله قوله: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ «٣» . قال الزّجّاج: فهي تأكل الحامض، والمرّ، وما لا يوصف
(١) سورة المائدة: ٩٠. (٢) ذكره ابن منظور في «اللسان» مادة «سكر» ، ولم ينسبه لقائل، وعنده «أعراض الكرام» بدل «عيب الأكرمين» . أي جعلت ذمّهم طعما لك. (٣) سورة الأحقاف: ٢٥.