قوله تعالى: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ أي: في أماكن. قال الفراء: وكل جمع كانت فيه ألف قبلها حرفان وبعدها حرفان لم يُجْرَ، مثل، صوامع، ومساجد: وجُريَ «حنين» لأنه اسم لمذكَّر، وهو وادٍ بين مكة والطائف، وإذا سمَّيتَ ماءً أو وادياً أو جبلاً باسم مذكَّر لا علَّة فيه، أجريته، من ذلك: حنين، وبدر، وحِراء، وثَبِير، ودابق. ومعنى الآية: أنّ الله عزّ وجلّ أعلمهم أنهم إنما يغلبون بنصر الله لا بكثرتهم. وفي عددهم يوم حنين أربعة أقوال: أحدها: أنهم كانوا ستة عشر ألفاً، رواه عطاء عن ابن عباس. والثاني: عشرة آلاف، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثالث: كانوا اثني عشر ألفاً، قاله قتادة، وابن زيد، وابن إسحاق، والواقدي. والرابع: أحد عشر ألفا وخمسمائة، قاله مقاتل. قال ابن عباس:
(٦٨٦) فقال ذلك اليوم سلمة بن سلامة بن وقش، وقد عجب لكثرة الناس: لن نُغلَب اليوم من قلّة، فساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كلامُه، ووُكلِوا إلى كلمة الرجل، فذلك قوله تعالى إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً. وقال سعيد بن المسيب: القائل لذلك أبو بكر الصديق. وحكى ابن جرير أنّ القائل لذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم «١» . وقيل: بل العباس. وقيل: رجل من بني بكر.
قوله تعالى: وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ أي: برحبها. قال الفراء: والباء هاهنا بمنزلة «في» كما تقول: ضاقت عليكم الأرض في رحبها وبرحبها.
(الإشارة إلى القصة) قال أهل العلم بالسيرة: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، تآمر عليه أشراف هوازن وثقيف، فجاؤوا حتى نزلوا أوطاس «٢» ، وأجمعوا المسير إليه، فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما التقَوا أعجبتهم كثرتُهم فهُزموا.
(٦٨٧) وقال البراء بن عازب: لما حملنا عليهم انكشفوا، فأكببنا على الغنائم، فأقبلوا بالسهام، فانكشف المسلمون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عزاه البغوي في «التفسير» ٢/ ٣٢٨ للكلبي، وهو متهم بالكذب. وورد من مرسل قتادة دون ذكر القائل، أخرجه الطبري ١٦٥٨٨. وورد من مرسل السدي ١٦٥٩٠ وفيهما «أن رجلا ... » . صحيح. أخرجه البخاري ٢٠٤٢ ومسلم ١٧٧٦ والترمذي ١٦٨٨ والطيالسي ٢/ ١٠٨ وأحمد ٤/ ٢٨١ وأبي يعلى ١٧٢٧ والبيهقي في «السنن» ٩/ ١٥٥ والطبري ١٦٥٩٤ من حديث البراء.