عن خلقِهِ الذي خُلِقَ عليه، ولكن لهم سَحَرةٌ كسحرتِكُم، فإذا أحْسَستُم من ذلك شيئًا، فأذِّنوا بالصَّلاةِ.
وذكرَ الأصْمَعِيُّ، عن أبي عَمرِو بنِ العلاءِ، قال: الغِيلانُ: سَحَرةُ الجِنِّ.
وأمّا قولُهُ:"حتَّى إذا ثُوِّب بالصَّلاةِ أدبر، حتَّى إذا قُضِي التَّثوِيبُ أقبلَ".
فإنَّهُ عَنَى بقولِهِ:"التَّثوِيبُ" هاهُنا الإقامةَ، ولا يَحتمِلُ غيرَ هذا التَّأوِيلِ عِندِي، واللّهُ أعلمُ.
وإنَّما سُمِّيتِ الإقامةُ في هذا الموضِع تثوِيبًا؛ لأنَّ التَّثوِيبَ في اللُّغةِ، معناهُ العَوْدةُ، ويُقالُ منهُ: ثابَ إليَّ مالِي (١) بعدَ ذهابه، أي: عاد، وثابَ إلى المرِيضِ جِسمُهُ (٢)، إذا عاد إليه، ومنهُ قولُ الله عزَّ وجلَّ:{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا}[البقرة: ١٢٥]. أي: معادًا لهم يثُوبُونَ إليه، لا يقضُونَ منهُ وطرًا، وإنَّما قيلَ للإقامةِ تَثْوِيبٌ، لأنَّها عَوْدةٌ إلى معنى الأذانِ، تقُولُ العربُ: ثوَّبَ الدّاعِي، إذا كرَّر دُعاءَهُ إلى الحربِ وغيرِها، قال حسّانُ بن ثابتٍ (٣):
في فِتيةٍ كسُيُوفِ الهِندِ أوجُهُهُم ... لا ينكِلُون إذا ما ثوَّب الدّاعِي
وقال آخرُ (٤):
لخيرٌ نحنُ عِندَ النّاسِ مِنكُم ... إذا الدّاعِي المُثوِّبُ قال يالا (٥)
وقال عبدُ المُطَّلِبِ بن هاشِم، وهُو عِندَ أخوالِهِ بني النَّجّارِ بالمدِينةِ: