للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فانهزمت العرب، وقتل صالح، فبعث برأسه إلى الحضرة، فنُفِذت الخِلَع إلى نوشتكين، وزادوا في ألقابه.

ثمّ توجّه إلى حلب ونازلها، ثمّ عاد إلى دمشق، ونزل في القصر وأقام مدّة. ثمّ سار إلى حلب، ففتحت له، فأحسن إلى أهلها وردّ المظالم وعدل.

ثمّ تغيّر وشربَ الخمر، فجاء فيه سِجِلٌّ مصريّ، فيه: أما بعد، فقد عرف الحاضر والبادي حال نوشتكين الدِّزْبَريّ الخائن، ولمّا تغيّرت نيّته سَلَبَه اللهُ نعمتَه. {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: ١١] .

فضاق صدره وقلِق، ثمّ جاءه كتابٌ فيه توبيخ وتهديد، فعظُم عليه، ورأى من الصّواب إعادة الجواب بالتَّنصُّل والتَّلطُّف، فكتب: من "عبد الدّولة العلويّة، متبرّئًا من ذنوبه المُوبِقة، وإساءاته المرهِقة، لائذًا بعفو أمير المؤمنين، عائذًا بالكرم، صابرًا للحكم، وهو تحت خوفٍ ورجاء، وتضرّعٍ ودُعاء. وقد ذلّت نفسه بعد غرّها، وضاقت بعد أمنها".

إلى أن قال: "وليس مسير العبد إلى حلب يُنْجِيه من سطوات مواليه".

ونفّذ هذا الجواب وطلع إلى قلعة حلب، فحُمَّ وطلب طبيبًا، فوَصَف له مُسْهلًا، فلم يشربه، ولحِقَه فالج في يده ورِجْله. ومات بعد أيّامٍ من جُمَادى الأولى سنة ثلاثٍ وثلاثين بحلب. وخلّف من الذَّهب العَيْن ستّمائة ألف دينار ونيِّفًا.

"حرف الياء":

١٠١- يحيى بن سعيد بن يحيى بن بكر١.

أبو بكر بن الطّوّاق القُرْطُبيّ.

رَوَى عن: أَبِي عَبْد اللَّه بن مفرّج.

وسمع بمصر من: أبي بكر المهندس. حدَّث عنه: أبو بكر الخَوْلانيّ، وقال: كان من أهل القرآن، طالبًا للعلم مع الفَهْم والضَّبْط. وكان من أهل السُّنّة، مُجانبًا لأهل البِدَع. تُوُفّي في جُمَادى الآخرة عن سنٍّ عالية.


١ الصلة لابن بشكوال "٢/ ٢٦٦".