حَدِيثُ سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِت:
وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حدثني عاصم بن عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالُوا: قَدِمَ سُوَيْدُ بْنُ الصَّامِتِ أَخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مَكَّةَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، وَكَانَ سُوَيْدٌ يُسَمِّيهِ قَوْمُهُ فِيهِمُ "الْكَامِلَ" لِسِنِّهِ وَجَلَدِهِ وَشِعْرِهِ، فَتَصَدَّى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدَعَاهُ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ سُوَيْدٌ: فَلَعَلَّ الَّذِي مَعَكَ مِثْلُ الَّذِي مَعِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَمَا الَّذِي مَعَكَ"؟ قَالَ: مِجَلَّةُ لُقْمَانَ، يَعْنِي حِكْمَةَ لُقْمَانَ، قَالَ: "اعْرِضْهَا"، فَعَرَضَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: "إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ حَسَنٌ، وَالَّذِي مَعِي أَفْضَلُ مِنْهُ، قُرْآنٌ أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَيَّ"، فَتَلَا عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، وَدَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَلَمْ يَبْعُدْ مِنْهُ، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَقَوْلٌ حَسَنٌ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ عَلَى قَوْمِهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ قَتَلَتْهُ الْخَزْرَجُ، فَكَانَ رِجَالٌ مِنْ قَوْمِهِ يَقُولُونَ: إِنَّا لَنَرَى أَنَّهُ قُتِلَ وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَكَانَ قَتْلُهُ يَوْمَ بُعَاثٍ١.
وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: وَسُوَيْدٌ الَّذِي يَقُولُ:
أَلَا رُبَّ مَنْ تَدْعُو صَدِيقًا وَلَوْ تَرَى ... مَقَالَتَهُ بِالْغَيْبِ سَاءَكَ مَا يَفْرِي
مَقَالَتُهُ كَالشَّهْدِ مَا كان شاهدًا ... وبالغيب مأثور على يغرة النَّحْرِ
يَسُرُّكَ بَادِيهِ وَتَحْتَ أَدِيمِهِ ... تَمِيمَةُ غِشٍّ تَبْتَرِي عَقَبَ الظَّهْرِ٢
تُبَيِّنُ لَكَ الْعَيْنَانِ مَا هُوَ كَاتِمٌ ... مِنَ الْغِلِّ وَالْبَغْضَاءِ بِالنَّظَرِ الشَّزْرِ٣
فَرِشْنِي بِخَيْرٍ طَالَمَا قَدْ بَرَيْتَنِي ... وَخَيْرُ الْمَوَالِي يريش ولا يبري٤
١ أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "١/ ٣٨٩، ٣٩٠".٢ تبتري: تقطع. وعقب الظهر: عصبه.٣ الشزر: نظرة الإعراض.٤ رشني: قواني. وبريتني: أضعفتني.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute