أَيْ خَيْلٌ ثَابِتَةٌ مُمْسِكَةٌ عَنِ الْجَرْيِ وَالْحَرَكَةِ، كما قال «١»:
كَأَنَّ الثُّرَيَّا عُلِّقَتْ فِي مَصَامِهَا
أَيْ هِيَ ثَابِتَةٌ فِي مَوَاضِعِهَا فَلَا تَنْتَقِلُ، وَقَوْلُهُ:
وَالْبَكَرَاتُ شَرُّهُنَّ الصَّائِمَةُ «٢»
يَعْنِي الَّتِي لَا تَدُورُ. وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فَدَعْهَا «٣» وَسَلِّ الْهَمَّ عَنْكَ بِجَسْرَةٍ ... ذَمُولٍ إِذَا صَامَ النَّهَارُ وَهَجَّرَا
أَيْ أَبْطَأَتِ الشَّمْسُ عَنِ الِانْتِقَالِ وَالسَّيْرِ فَصَارَتْ بِالْإِبْطَاءِ كَالْمُمْسِكَةِ. وَقَالَ آخَرُ:
حَتَّى إِذَا صَامَ النَّهَارُ وَاعْتَدَلَ ... وَسَالَ لِلشَّمْسِ لُعَابٌ فَنَزَلَ
وَقَالَ آخَرُ:
نَعَامًا بوجرة صفر الخدود ... دما تَطْعَمُ النَّوْمُ إِلَّا صِيَامَا «٤»
أَيْ قَائِمَةً. وَالشِّعْرُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرٌ. وَالصَّوْمُ فِي الشَّرْعِ: الْإِمْسَاكُ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ مَعَ اقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِهِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَتَمَامُهُ وَكَمَالُهُ بِاجْتِنَابِ الْمَحْظُورَاتِ وَعَدَمِ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةً فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ). الثَّانِيَةُ- فَضْلُ الصَّوْمِ عَظِيمٌ، وَثَوَابُهُ جَسِيمٌ، جَاءَتْ بِذَلِكَ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ صِحَاحٌ وَحِسَانٌ ذَكَرَهَا الْأَئِمَّةُ فِي مَسَانِيدِهِمْ، وَسَيَأْتِي بَعْضُهَا، وَيَكْفِيكَ الْآنَ مِنْهَا فِي فَضْلِ الصَّوْمِ أَنْ خَصَّهُ اللَّهُ بِالْإِضَافَةِ إِلَيْهِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال مخبرا عن ربه:
(١). هو امرؤ القيس، كما في اللسان والمعلقات، وتمام البيت:بأمراس كان على صم جندل[ ..... ](٢). قبله:شر الدلاء الولغة الملازمة(٣). في الأصول:" فدع ذا" والتصويب عن الديوان واللسان.(٤). تقدم الكلام على هذا البيت ج ١ ص ٤٢٣ طبعه ثانية، فليراجع.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute