بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا مِنْ حَسَنَاتِهَا مَا عَلَيْهَا مِنَ الْحُقُوقِ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال (مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أو شي فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَلَّا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ (. خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَمِثْلُهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ فِي الْمُفْلِسِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي التَّذْكِرَةِ خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ «١». وقرى" تُجْزِئُ" بِضَمِّ التَّاءِ وَالْهَمْزِ. وَيُقَالُ: جَزَى وَأَجْزَى بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَوْمٌ فَقَالُوا جَزَى بِمَعْنَى قَضَى وَكَافَأَ وَأَجْزَى بِمَعْنَى أَغْنَى وَكَفَى أَجْزَأَنِي الشَّيْءُ يُجْزِئُنِي أَيْ كَفَانِي قَالَ الشَّاعِرُ:
وَأَجْزَأْتَ أَمْرَ الْعَالَمِينَ وَلَمْ يَكُنْ ... لِيُجْزِئَ إِلَّا كَامِلٌ وَابْنُ كَامِلِ
الثَّالِثَةُ «٢» - قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ) الشَّفَاعَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الشَّفْعِ وَهُمَا الِاثْنَانِ تَقُولُ كَانَ وَتْرًا فَشَفَعْتُهُ شَفْعًا وَالشُّفْعَةُ مِنْهُ لِأَنَّكَ تَضُمُّ مِلْكَ شَرِيكِكَ إِلَى مِلْكِكَ. وَالشَّفِيعُ صَاحِبُ الشُّفْعَةِ وَصَاحِبُ الشَّفَاعَةِ وَنَاقَةٌ شَافِعٌ إِذَا اجْتَمَعَ لَهَا حَمْلٌ وَوَلَدٌ يَتْبَعُهَا تَقُولُ مِنْهُ: شَفَعَتِ النَّاقَةُ شَفْعًا وَنَاقَةٌ شَفُوعٌ وَهِيَ الَّتِي تَجْمَعُ بَيْنَ مِحْلَبَيْنِ فِي حَلَبَةٍ وَاحِدَةٍ. وَاسْتَشْفَعْتُهُ إِلَى فُلَانٍ: سَأَلْتُهُ أَنْ يَشْفَعَ لِي إِلَيْهِ. وَتَشَفَّعْتُ إِلَيْهِ فِي فُلَانٍ فَشَفَّعَنِي فِيهِ فَالشَّفَاعَةُ إِذًا ضَمُّ غَيْرِكَ إِلَى جَاهِكَ وَوَسِيلَتِكَ فَهِيَ عَلَى التَّحْقِيقِ إِظْهَارٌ لِمَنْزِلَةِ الشَّفِيعِ عِنْدَ الْمُشَفَّعِ وَإِيصَالُ مَنْفَعَتِهِ لِلْمَشْفُوعِ. الرَّابِعَةُ- مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ الشَّفَاعَةَ حَقٌّ وَأَنْكَرَهَا الْمُعْتَزِلَةُ وَخَلَّدُوا الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْمُذْنِبِينَ الَّذِينَ دَخَلُوا النَّارَ فِي الْعَذَابِ. وَالْأَخْبَارُ مُتَظَاهِرَةٌ بِأَنَّ مَنْ كَانَ مِنَ الْعُصَاةِ الْمُذْنِبِينَ الْمُوَحِّدِينَ مِنْ أُمَمِ النَّبِيِّينَ هُمُ الَّذِينَ تَنَالُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ. وَقَدْ تَمَسَّكَ الْقَاضِي عَلَيْهِمْ فِي الرَّدِّ بِشَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا الْأَخْبَارُ الْكَثِيرَةُ الَّتِي تَوَاتَرَتْ فِي الْمَعْنَى. وَالثَّانِي الْإِجْمَاعُ مِنَ السَّلَفِ عَلَى تَلَقِّي هَذِهِ الْأَخْبَارِ بِالْقَبُولِ وَلَمْ يبد من
(١). راجع صحيح مسلم باب تحريم الظلم (ج ٢ ص ٢٨٣) طبع بولاق.(٢). يلاحظ أن جميع نسخ الأصل التي بأيدينا لم تذكر المسألة الاولى والثانية في هذه الآية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute