مَا أَلَوْتُ فَلَا أَدْرِي مَا عِبْتَ عَلَيَّ من صلاتي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّهُ لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمَرْفِقَيْنِ وَيَمْسَحَ بِرَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يُكَبِّرَ اللَّهَ تَعَالَى وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَقْرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ وَمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ وَتَيَسَّرَ ثُمَّ يُكَبِّرَ فَيَرْكَعَ فَيَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ وَيَسْتَرْخِيَ ثُمَّ يَقُولَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَيَسْتَوِيَ قَائِمًا حَتَّى يقيم صلبه ويأخذ كل عظيم مأخذه ثُمَّ يُكَبِّرَ فَيَسْجُدَ فَيُمَكِّنَ وَجْهَهُ- قَالَ هَمَّامٌ: وَرُبَّمَا قَالَ: جَبْهَتَهُ- مِنَ الْأَرْضِ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ وَيَسْتَرْخِيَ ثُمَّ يُكَبِّرَ فَيَسْتَوِيَ قَاعِدًا عَلَى مَقْعَدِهِ وَيُقِيمَ صُلْبَهُ- فَوَصَفَ الصَّلَاةَ هَكَذَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ حَتَّى فَرَغَ ثُمَّ قَالَ- لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ) وَمِثْلُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ. قُلْتُ: فَهَذَا بَيَانُ الصَّلَاةِ الْمُجْمَلَةِ فِي الْكِتَابِ بِتَعْلِيمِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَتَبْلِيغِهِ إِيَّاهَا جَمِيعَ الْأَنَامِ فَمَنْ لَمْ يَقِفْ عِنْدَ هَذَا الْبَيَانِ وَأَخَلَّ بِمَا فَرَضَ عَلَيْهِ الرَّحْمَنُ وَلَمْ يَمْتَثِلْ مَا بَلَغَهُ عَنْ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى" فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ" [مريم: ٥٩] عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ هُنَاكَ «١» إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ رَأَى حُذَيْفَةُ رَجُلًا لَا يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَلَا السُّجُودَ فَقَالَ: مَا صَلَّيْتَ وَلَوْ مُتَّ لَمُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الثامنة عَشْرَةَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَعَ الرَّاكِعِينَ) " مَعَ" تَقْتَضِي الْمَعِيَّةَ وَالْجَمْعِيَّةَ وَلِهَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ بِالْقُرْآنِ: إِنَّ الْأَمْرَ بِالصَّلَاةِ أَوَّلًا لَمْ يَقْتَضِ شُهُودَ الْجَمَاعَةِ فَأَمَرَهُمْ بِقَوْلِهِ" مَعَ" شُهُودِ الْجَمَاعَةِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي شُهُودِ الْجَمَاعَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ فَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ وَيَجِبُ عَلَى مَنْ أَدْمَنَ التَّخَلُّفَ عَنْهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ الْعُقُوبَةُ. وَقَدْ أَوْجَبَهَا بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهَذَا قَوْلٌ صَحِيحٌ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْتَمَعَ عَلَى تَعْطِيلِ الْمَسَاجِدِ كُلِّهَا مِنَ الْجَمَاعَاتِ فَإِذَا قَامَتِ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ فِي بَيْتِهِ جَائِزَةٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أفضل من صلاة الفذ «٢» بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله
(١). راجع ج ١١ ص ١٢١.(٢). الفذ: المنفرد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute