وَتَوَاضُعٍ فِي غَيْرِ مَذَلَّةٍ، فَهُمْ خُلَفَاءُ الْأَنْبِيَاءِ قَوْمٌ اصْطَفَاهُمُ اللَّهُ لِنَفْسِهِ وَاسْتَخْلَصَهُمْ بِعِلْمِهِ لِنَفْسِهِ، وَهُمْ أَرْبَعُونَ صِدِّيقًا مِنْهُمْ ثَلَاثُونَ رَجُلًا عَلَى مِثْلِ يَقِينِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ، يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِمُ الْمَكَارِهَ عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ وَالْبَلَايَا عَنِ الناس، وبهم يمطرون ومن يرزقون، لَا يَمُوتُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ قَدْ أَنْشَأَ مَنْ يَخْلُفُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ الْعَدُوَّ بِجُنُودِ الْمُسْلِمِينَ لَغَلَبَ الْمُشْرِكُونَ فَقَتَلُوا الْمُؤْمِنِينَ وَخَرَّبُوا الْبِلَادَ وَالْمَسَاجِدَ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: هُمُ الشُّهُودُ الَّذِينَ تُسْتَخْرَجُ بِهِمُ الْحُقُوقُ. وَحَكَى مَكِّيٌّ أَنَّ أَكْثَرَ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى: لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ بِمَنْ يُصَلِّي عَمَّنْ لَا يُصَلِّي وَبِمَنْ يَتَّقِي عَمَّنْ لَا يَتَّقِي لَأُهْلِكَ النَّاسُ بِذُنُوبِهِمْ، وَكَذَا ذَكَرَ النَّحَّاسُ وَالثَّعْلَبِيُّ أَيْضًا. [قَالَ الثَّعْلَبِيُّ «١»] وَقَالَ سَائِرُ الْمُفَسِّرِينَ: وَلَوْلَا دِفَاعُ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ الْأَبْرَارَ عَنِ الْفُجَّارِ وَالْكُفَّارِ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ، أَيْ هَلَكَتْ. وَذَكَرَ حَدِيثًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ الْعَذَابَ بِمَنْ يُصَلِّي مِنْ أُمَّتِي عَمَّنْ لَا يُصَلِّي وَبِمَنْ يُزَكِّي عَمَّنْ لَا يُزَكِّي وَبِمَنْ يَصُومُ عَمَّنْ لَا يَصُومُ وَبِمَنْ يَحُجُّ عَمَّنْ لَا يَحُجُّ وَبِمَنْ يُجَاهِدُ عَمَّنْ لَا يُجَاهِدُ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى تَرْكِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَا أَنْظَرَهُمُ «٢» اللَّهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ- ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ". وَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً تُنَادِي كُلَّ يَوْمٍ لَوْلَا عِبَادٌ رُكَّعٌ وَأَطْفَالٌ رُضَّعٌ وَبَهَائِمٌ رُتَّعٌ لَصُبَّ عَلَيْكُمُ الْعَذَابُ صَبًّا" خَرَّجَهُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ بِمَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ. حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَوْلَا فِيكُمْ رِجَالٌ خُشَّعٌ وَبَهَائِمُ رُتَّعٌ وَصِبْيَانٌ رُضَّعٌ لَصُبَّ الْعَذَابُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ صَبًّا". أَخَذَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْمَعْنَى فَقَالَ:
لَوْلَا عِبَادٌ لِلْإِلَهِ رُكَّعُ ... وَصِبْيَةٌ مِنَ الْيَتَامَى رُضَّعُ
وَمُهْمَلَاتٌ فِي الْفَلَاةِ رُتَّعُ ... صُبَّ عَلَيْكُمُ الْعَذَابُ الْأَوْجَعُ
وَرَوَى جَابِرٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:" إِنَّ اللَّهَ لَيُصْلِحُ بِصَلَاحِ الرَّجُلِ وَلَدَهُ وَوَلَدَ ولده واهلة دُوَيْرَتِهِ وَدُوَيْرَاتٍ حَوْلَهُ وَلَا يَزَالُونَ فِي حِفْظِ اللَّهِ مَا دَامَ فِيهِمْ". وَقَالَ قَتَادَةُ: يَبْتَلِي اللَّهُ الْمُؤْمِنَ بِالْكَافِرِ وَيُعَافِي الْكَافِرَ بِالْمُؤْمِنِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(١). فِي هـ وج.(٢). في هـ: ما أمطرهم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute