وَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ الْأَمَةِ وَإِنْ كَذَّبَهَا مَوْلَاهَا، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَالنُّعْمَانِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا. التَّاسِعَةُ- لَفْظُ الرَّدِّ يَقْتَضِي زَوَالَ الْعِصْمَةِ، إِلَّا أَنَّ عُلَمَاءَنَا قَالُوا: إِنَّ الرَّجْعِيَّةَ محرمة الوطي، فَيَكُونُ الرَّدُّ عَائِدًا إِلَى الْحِلِّ. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمَا- في أن الرجعة محللة الوطي: إِنَّ الطَّلَاقَ فَائِدَتُهُ تَنْقِيصُ الْعَدَدِ الَّذِي «١» جُعِلَ لَهُ خَاصَّةً، وَأَنَّ أَحْكَامَ الزَّوْجِيَّةِ بَاقِيَةٌ لَمْ ينحل منها شي- قَالُوا: وَأَحْكَامُ الزَّوْجِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً فَالْمَرْأَةُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ سَائِرَةٌ فِي سَبِيلِ الزَّوَالِ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَالرَّجْعَةُ رَدٌّ عَنْ هَذِهِ السَّبِيلِ الَّتِي أَخَذَتِ الْمَرْأَةُ فِي سُلُوكِهَا، وَهَذَا رَدٌّ مَجَازِيٌّ، وَالرَّدُّ الَّذِي حَكَمْنَا بِهِ رَدٌّ حَقِيقِيٌّ، فَإِنَّ هُنَاكَ زَوَالُ مُسْتَنْجِزٍ وَهُوَ تَحْرِيمُ الوطي، فَوَقَعَ الرَّدُّ عَنْهُ حَقِيقَةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْعَاشِرَةُ- لَفْظُ" أَحَقُّ" يُطْلَقُ عِنْدَ تَعَارُضِ حَقَّيْنِ، وَيَتَرَجَّحُ أَحَدُهُمَا، فَالْمَعْنَى حَقُّ الزَّوْجِ فِي مُدَّةِ التَّرَبُّصِ أَحَقُّ مِنْ حَقِّهَا بِنَفْسِهَا، فَإِنَّهَا إِنَّمَا تَمْلِكُ نَفْسَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ:" الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا". وَقَدْ تَقَدَّمَ. الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ- الرَّجُلُ مَنْدُوبٌ إِلَى الْمُرَاجَعَةِ، وَلَكِنْ إِذَا قَصَدَ الْإِصْلَاحَ بِإِصْلَاحِ حَالِهِ مَعَهَا، وَإِزَالَةِ الْوَحْشَةِ بَيْنَهُمَا، فَأَمَّا إِذَا قَصَدَ الْإِضْرَارَ وَتَطْوِيلَ الْعِدَّةِ وَالْقَطْعَ بِهَا عَنِ الْخَلَاصِ مِنْ رِبْقَةِ النِّكَاحِ فَمُحَرَّمٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا" ثُمَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالرَّجْعَةُ صَحِيحَةٌ، وَإِنِ ارْتَكَبَ النَّهْيَ وَظَلَمَ نَفْسَهُ، وَلَوْ عَلِمْنَا نَحْنُ ذَلِكَ الْمَقْصِدَ طَلَّقْنَا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَهُنَّ) أَيْ لَهُنَّ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ عَلَى الرِّجَالِ مِثْلُ مَا لِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنِّي لَأَتَزَيَّنُ لِامْرَأَتِي كَمَا تَتَزَيَّنُ لِي، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَسْتَنْظِفَ «٢» كُلَّ حَقِّي الَّذِي لِي عَلَيْهَا فَتَسْتَوْجِبَ حَقَّهَا الَّذِي لَهَا عَلَيَّ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ:" وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ" أَيْ زِينَةٌ مِنْ غَيْرِ مَأْثَمٍ. وَعَنْهُ أَيْضًا: أَيْ لَهُنَّ مِنْ حُسْنِ الصُّحْبَةِ
(١). في ز: تنقيص العدد جعل له خاصة.(٢). استنظفت الشيء: إذا أخذته كله.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute