الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) أَيْ نَصْبًا، عَنِ الْجَوْهَرِيِّ. وَفُلَانٌ عُرْضَةُ ذَاكَ، أَيْ «١» عُرْضَةٌ لِذَلِكَ، أَيْ مُقْرِنٌ لَهُ قَوِيٌّ عَلَيْهِ. وَالْعُرْضَةُ: الهمة. قال:
هُمُ الْأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ «٢»
وَفُلَانٌ عُرْضَةٌ لِلنَّاسِ: لَا يَزَالُونَ يَقَعُونَ فِيهِ. وَجَعَلْتُ فُلَانًا عُرْضَةً لِكَذَا أَيْ نَصَبْتُهُ لَهُ، وَقِيلَ: الْعُرْضَةُ مِنَ الشِّدَّةِ وَالْقُوَّةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لِلْمَرْأَةِ: عُرْضَةٌ لِلنِّكَاحِ، إِذَا صَلُحَتْ لَهُ وَقَوِيَتْ عَلَيْهِ، وَلِفُلَانٍ عُرْضَةٌ: أَيْ قُوَّةٌ عَلَى السَّفَرِ وَالْحَرْبِ، قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
مِنْ كَلِّ نَضَّاخَةِ الذِّفْرَى إِذَا عَرِقَتْ ... عُرْضَتُهَا طَامِسُ الْأَعْلَامِ مَجْهُولُ
وَقَالَ عَبْدُ الله بن الزبير:
فهذي لأيام الحروب وهذه ... لِلْهَوِيِّ وَهَذِي عُرْضَةٌ لِارْتِحَالِنَا
أَيْ عُدَّةٌ. وَقَالَ آخَرُ:
فَلَا تَجْعَلُنِي عُرْضَةً لِلَّوَائِمِ
وَقَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ:
وَأَدْمَاءُ مِثْلُ الْفَحْلِ يَوْمًا عُرْضَتُهَا ... لِرَحْلِي وَفِيهَا هِزَّةٌ وَتَقَاذُفُ
وَالْمَعْنَى: لَا تَجْعَلُوا الْيَمِينَ بِاللَّهِ قُوَّةً لِأَنْفُسِكُمْ، وَعُدَّةً فِي الِامْتِنَاعِ مِنَ الْبِرِّ. الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، أَيِ الْبِرُّ وَالتَّقْوَى وَالْإِصْلَاحُ أَوْلَى وَأَمْثَلُ، مِثْلَ" طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ" عَنِ الزَّجَّاجِ وَالنَّحَّاسِ. وَقِيلَ: مَحَلُّهُ النَّصْبُ، أَيْ لَا تَمْنَعُكُمُ الْيَمِينُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَالْإِصْلَاحَ، عَنِ الزَّجَّاجِ أَيْضًا. وَقِيلَ: مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَلَّا تَبَرُّوا، فَحَذَفَ" لَا"، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا" أَيْ لِئَلَّا تَضِلُّوا، قَالَهُ الطَّبَرِيُّ وَالنَّحَّاسُ. وَوَجْهٌ رَابِعٌ مِنْ وُجُوهِ النَّصْبِ: كَرَاهَةَ أَنْ تَبَرُّوا، ثُمَّ حُذِفَتْ، ذَكَرَهُ النَّحَّاسُ وَالْمَهْدَوِيُّ. وَقِيلَ: هو في موضع خفض
(١). في الصحاح:" أو عرضة لذلك".(٢). عجز بيت لحسان بن ثابت رضى الله عنه، وصدره: وقال الله قد أعددت جندا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute