الإِطْلاقِ، فما وَجْهُ التَّخْصيصِ لهذا الحالِ؟ وأمَّا حديثُ أسْماءَ -إن صَحَّ- فيَحْتَمِلُ أنَّه كان قبلَ نُزُولِ الحِجابِ، فيُحْمَلُ عليه.
فصل: فأمَّا العَجُوزُ التي لا تُشْتَهَى، فلا بَأْسَ بِالنَّظَرِ إلى ما يَظْهَرُ منها غالبًا؛ لقولِ اللهِ تعالى:{وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا}(١). الآية. قال ابنُ عباسٍ في قولِه تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}(٢){وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}(٣). فنَسَخَ واستَثْنَى مِن ذلك:{وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا}. الآية. وفي مَعْنَى ذلك الشَّوْهاءُ التي لا تُشْتَهَى.
فصل: والأَمَةُ يُباحُ النَّظَرُ مِنها إلى ما يَظْهَرُ غالبًا؛ كالوَجْهِ، والرَّأْسِ، واليَدَين، والسَّاقَين؛ لأنَّ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عنه، رَأى أَمَةً مُتَكَمِّمَةً، فضَرَبَها بالدِّرَّةِ، وقال: يا لَكاعِ تَشَبَّهِينَ بالحَرائِرِ! وروَى أبو حَفْصٍ بإسْنادِه، أنَّ عُمَرَ كان لا يَدَعُ أَمَةً تَقَنَّعُ في خِلافَتِه، وقال: إنَّما القِناعُ للحَرائِرِ (٤). ولو كان نَظَرُ ذلك منها محَرَّمًا لم يَمْنَعْ مِن سَتْرِه، بل أَمَرَ به. وقد روَى أنَسٌ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لمَّا أخَذَ صَفِيَّةَ قال الناسُ: أجَعَلَها أُمَّ
(١) سورة النور ٦٠. (٢) سورة النور ٣٠. (٣) سورة النور ٣١. (٤) أخرج الأثرين ابن أبي شيبة، في: باب في الأمة تصلي بغير خمار، من كتاب الصلوات. المصنف ٢/ ٢٣٠. وعبد الرزاق، في: باب الخمار، من كتاب الصلاة. المصنف ٣/ ١٣٦.