الذات ثلاثي الصفات (١)، فهم لا يكتفون بذلك كما تقدم، بل يقولون: الثلاثة جواهر والمتحد بالمسيح واحد منها (٢) دون الآخر (٣)، وبهذا يتبين أن كل من أراد أن يذكر قولهم على وجه يعقل فقد قال الباطل، كقول المتكايسين (٤) منهم: هذا كما تقول: زيد الطبيب (٥)، وزيد الحاسب، وزيد الكاتب، فهم ثلاثة رجال باعتبار الصفات، وهم رجل واحد باعتبار الذات فإنه يقال: من يقول هذا لا يقول: بأن زيدًا الطبيب (٦) فعل
(١) شيخ الإسلام -رحمه الله- ناقش قولهم هذا في كتابه: "الجواب الصحيح" ٣/ ١٦٧، فقال: "لو اقتصرتم على قولكم: إنه واحد وله صفات متعددة، لم ينكر ذلك عليكم جمهور المسلمين، بل ينكرون تخصيص الصفات بثلاث، فإن هذا باطل من وجوه: منها: أن الأب عندكم هو الجوهر ليس هو صفة، فلا يكون له صفة إلا الحياة والعلم، فيكون جوهرًا واحدًا له أقنومان، وأنتم جعلتم ثلاثة أقانيم. ومنها: أن صفات الرب لا تنحصر في العلم والحياة، بل هو موصوف بالقدرة وغيرها. ومنها: أنكم تارة تفسرون روح القدس بالحياة، وتارة بالقدرة، وتارة بالوجود. وتفسرون الكلمة تارة بالعلم، وتارة بالحكمة، وتارة بالكلام، فبطلان قولكم في إثبات ثلاث صفات كثير، وأنتم -مع هذا- تجعلون كل واحدة منها إلهًا. فتجعلون الحياة إلها، والعلم إلهًا، وهذا باطل". (٢) في الأصل: منهما. والمثبت من: س، ط. ولعله المناسب للسياق. (٣) في ط: الآخر. (٤) الكيس: العقل. والكيس: العاقل. والمعنى: العقلاء منهم. انظر: لسان العرب -لابن منظور- ٦/ ٢٠١ (كيس). والمقصود: يحيى بن عدي وغيره من النصارى ممن أراد أن يعتذر عنهم ويظهر قولهم على وجه يعقل. وتقدمت الإشارة إليه قريبًا. (٥) في الأصل: الطيب. والمثبت من: س، ط. (٦) في الأصل: زيد الطيب. وفي س: زيد الطبيب. والمثبت من: ط. وهو=