والمفعول بعد ذلك كصلاة منفصلة قد تطوع بها، وإن لم يقعد مقدار التشهد، بطلت صلاته، انتهى (١).
وقال عمر بن عبد العزيز: الصلاة في السفر ركعتان حتم، لا يصح غيرهما (٢).
والحديث إنما يقتضي أفضلية القصر؛ لمواظبة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عليه، ورجحانه على الإتمام، والفعل بمجرده لا يدل على الوجوب، مع دلالة قوله تعالى:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ}[النساء: ١٠١]، فرفع الجناح، ولم يوجب القصر (٣).
وفي حديث يعلى بن أمية؛ لما سأل عمر عن الآية، وقال له: قد أمن الناس!، فقال عمر: عجبتُ مما عجبتَ منه، فسألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال:"صدقة تصدق اللَّه بها عليكم، فاقبلوا صدقة اللَّه"(٤)، فدل على أنه رخصة، وليس بعزيمة.
وقالت عائشة -رضي اللَّه عنها-: خرجت مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في عمرة في رمضان، فأفطر وصمت، وقصر وأتممت، فقلت: يا رسول اللَّه! بأبي وأمي، أفطرت وصمت، وقصرت وأتممت؟! قال:"أحسنت" رواه أبو داود، والدارقطني، وقال: إسناده حسن (٥).
(١) انظر: "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (٢٤/ ٩٦). (٢) انظر: "المحلى" لابن حزم (٤/ ٢٧١). (٣) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ١٠٢). (٤) رواه مسلم (٦٨٦)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة المسافرين وقصرها. (٥) لم يروه أبو داود في "سننه". وقد رواه الدارقطني في "سننه" (٢/ ١٨٨)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ١٤٢).