وقال علي بن أبي طالب: لما نزلت هذه الآية {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} فقالوا: يارسول الله، أفي كل عام؟ فسكت، ثم قالوا: أفي كل عام؟ فسكت، ثم قال:"لا، ولو قلت نعم، لوجب " فأنزل الله الآية.
وروي أنه قال - لما كرر عليه القول -: "والذي نفسي بيده لو قلت: نعم، لوجبت ولو وجبت عليكم ما أطقتموه، ولو تركتموه لكفرتم " فأنزل الله {لا تسألوا عن أشياء} الآية. (٢) وروي عنه أنه قال: "لو قلت لوجبت، ولو وجبت ثم تركتم لهلكتم اسكتوا عني ما سكت عنكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم " فأنزل الله الآية. (٣)
وفي شرح مشكل الغريب لم يكثر الاستشهاد بالحديث الشريف واقتصر على حديث واحد فقط في الكتاب كله وهو في تفسير قوله تعالى {فمن اعتدى بعد ذلك}(٤) قال: أي قتل بعد أن أخذ الدية من الجاني روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "لا أعافي أحدا قتل بعد أخذ الدية"(٥).
[خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف]
قال: قوله تعالى ذكره {كهيعص}(٦)
وهذه الحروف عند ابن عباس مأخوذة من أسماء دالة على ذلك. فالكاف يدل على
كبير. وقيل: الكاف يدل على كافٍ. قاله ابن جبير والضحاك، وروى أيضا ابن جبير أن الكاف تدل على كريم.
(١) أخرجه ابن جرير ٧/ ٨٢ وقال الوادعي: رجاله رجال الصحيح إلا محمد ابن علي شيخ ابن جرير وهو ثقة. (الصحيح المسند من أسباب النزول ص: ٦٣). (٢) أخرجه الترمذي - كتاب تفسير القرآن - باب ومن سورة المائدة ٥/ ٢٥٦ وقال: حديث حسن غريب. (٣) الهداية ١/ ٣٧٥ - ٣٧٦. (٤) البقرة: ١٧٨. (٥) شرح مشكل الغريب ص: ١٠٨، أخرجه أحمد ٣/ ٣٦٣ وأبو داود - كتاب الديات - باب من قتل بعد أخذ الدية ٤/ ٦٤٦ عن جابر، وقال المنذري: الحسن لم يسمع من جابر فهو منقطع. وأخرجه ابن جرير ٢/ ١١٢ عن قتادة مرسلاً وهو ضعيف لإرساله وعزاه السيوطي أيضًا لابن المنذر وذكر أن سمويه أخرجه في فوائده عن سمرة موصولاً (الدر ١/ ١٨١) وضعفه الألباني (ضعيف الجامع ٥/ ٦١٧٣) والفريوائي (لحظ الألحاظ ١/ ٧٦٧). (٦) مريم: ١.