فيقولون: أنت، فيقول: ميروهم، وجاء إبراهيم عليه السلام يمتار، فقال له: من ربك وإلهك؟ قال إبراهيم:{ربي الذي يحيي ويميت}(١) فلما سمعها نمروذ قال: {أنا أحيي وأميت} فعارضه إبراهيم بأمر الشمس {فبهت الذي كفر} وقال: لاتميروه، فرجع إبراهيم إلى أهله دون شيء، فمر على كثيف رمل كالدقيق، فقال: لو ملأت غرارتي من هذا، فإذا دخلت به فرح الصبيان حتى أنظر لهما، فذهب بذلك فلما بلغ منزله فرح الصبيان، وجعلا يلعبان فوق الغرارتين، ونام هو من الإعياء، فقالت امرأته: لو صنعت له طعامًا يجده حاضرًا إذا انتبه، ففتحت إحدى الغرارتين، فوجدت أحسن مايكون من الحواري، فخبزته، فلما قام وضعته بين يديه، فقال: من أين هذا؟ قالت: من الدقيق الذي سقت، فعلم إبراهيم أن الله يسر لهم ذلك. (٢)
وقوله {أو كالذي مر على قرية}(٣):
عطفت (أو) في هذه الآية على المعنى الذي هو التعجب في قوله: {ألم تر إلى الذي حاج}(٤) قال ابن عباس وغيره: الذي مر على القرية هو عزير، وقال وهب بن منبه وغيره: هو أرميا. قال ابن إسحاق: أرميا هو الخضر، وحكاه النقاش عن وهب بن منبه، واختلف في القرية ماهي؟ فقيل: المؤتفكة، وقال زيد بن أسلم: قرية الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف. وقال وهب بن منبه وغيره: المقدس لما خربها بختنصر البابلي. (٥)
[ثامنا: موقفه من اللغة]
وهو يهتم ببيان المفردات وذلك مثل قوله:
{لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي}(٦)
الدين في هذه الآية هو المعتقد والملة ومقتضى قول زيد بن أسلم. (٧)
{وهي خاوية على عروشها}(٨):
قال: والعريش: سقف البيت، قال السدي: يقول هي ساقطة على سقفها أي سقطت السقف، ثم سقطت الحيطان عليها، وقال غيره: معناه خاوية من الناس، وخاوية معناه خالية، يقال: خوت الدار تخوي خواء وخويا، ويقال: خويت، قال الطبري: والأول أفصح.