أما الجملة الأولى وهي:(لا يقتل مسلم بكافر) فتبقى على ظاهرها، إلا أن الأحناف قيدوها بنفس القيد، فقالوا:(لا يقتل مسلم بكافر حربي)، أي: أما بغيره فيقتل، ودليلهم أن التقدير بالإجماع في اللفظة الأخيرة فتؤول به اللفظة الأولى. وجوابه: أن هذا تأويل ضعيف؛ لعدم قوة الاستدلال على صرفه.
والخلاصة أن في هذا الحديث ظاهر في أوله، ومؤول بالاجماع في آخره.
- ومن أسباب الظهور: عدم الإضمار فإن ادعي الإضمار فهو تأويل لابد من دليل له.
مثاله: ظاهر حديث أبي ثعلبة الخشني أنه قال: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل كل ذي ناب من السباع)(١) أن السباع محرمة.
فذهب إلى تحريمها الأربعة، ووردت رواية ابن القاسم عن مالك أنها مكروهة جمعا بينها وبين آية:{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ}[الأنعام: ١٤٥]. ولما عورض بما في الموطأ من النص على التحريم، احتمل الإضمار وهو أن المراد تحريم مأكول السباع، وهذا يوافق قوله تعالى:{وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ}[المائدة: ٣] وأجيب بأن الإضمار خلاف الأصل.
وحديث أبي هريرة المشار إليه هو عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه قال:(أكل كل ذي ناب من السباع حرام)(٢)، قال مالك: عقبه وعلى ذلك الأمر عندنا .. (٣).
- ظهور اللفظ في كونه مفيدا للتأسيس لا التأكيد.
(١) أخرجه البخاري في صحيحه برقم: (٥٧٨٠) ومسلم في صحيحه، برقم: (١٩٣٢). (٢) أخرجه ابن ماجه في سننه، برقم: (٢٦٣٦)، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه. (٣) راجع بداية المجتهد ونهاية المقتصد (٣/ ٢٠).