قولُه:"فقال: صاعٌ يكفيك": هذا يقتضي أن السّؤال وقع بما كان السائل قال: "ما يكفيني، فقال صاع"، أي:"يكفيك صاع"؛ فيرتفع على الفاعلية.
وَلَا يَجوز أن يكون مبتدأ في جواب "أيكفيني صاع أُم لا؟ "؛ لأنه قال:"ما يكفيني"، ولولا رده لكان المسوّغ للابتداء بالنكرة كونه في جواب من سأل بـ "الهمزة" و"أم"، وهو أحَد المسوّغات.
فإن كان التقدير في السؤال:"ما يكفيني في الغسل" صح أن يكون "صاع" مبتدأ؛ لوقوعه في جواب الاستفهام.
ورأيتُ في بعض النسخ أنّ جابرًا قال:"يَكْفيكَ صَاعٌ"(٢)، فصرّح بالعامل، وذلك دليل على أنَّ المقدّر يكفي (٣).
وفي قولُه:"فسألوه"[وإن](٤) كان السائل واحدًا، إمّا لأنهم قدّموه في السؤال، وإمّا لأنّه مقدمهم وكبيرهم وهم تبعٌ له.
قولُه:"ما يكفيني": "ما" نافية، وهو أحَد أقسامها إِذَا كانت حرفًا؛ وإذا نفت المضارع -كما هو هنا- تخلص عند الجمهور للحال.
قال ابن هشام: وردّ عليهم ابن [مالك](٥) بقوله تعالى: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ}[يونس: ١٥].
(١) انظر: البحر المحيط (١/ ٣٨٠)، (١٠/ ٤١٦). (٢) انظر: صحيح البخاري (رقم ٢٥٢)، العمدة (ط المعارف، ص ٤٠)، رياض الأفهام (١/ ٤١٨). (٣) انظر: الإفصاح لابن هبيرة (٨/ ٢٣١)، وشرح ابن الملقن على البخاري (٤/ ٥٥٣). (٤) غير واضحة بالأصل، والمثبت من (ب). (٥) غير واضحة بالأصل، والمثبت من (ب).