وقال الآمدى: نقل عن الشافعى فى كتاب الرسالة ما يدل على التردد بين الجواز والمنع (١)، ولكن الثانى أثبت نقلًا وعليه جرى الأصوليون من الشافعية.
وقال أبو الخطاب الحنبلى (٢) -فى التمهيد (٣) -: المنقول عن الشافعى فى الرسالة أنه لما علم اللَّه تعالى من نبيه -عليه السلام- أن الصواب يتفق منه جعل ذلك إليه ولم يقطع، بل جوزه وجوزه غيره.
وقال بعض المحققين من أصحابنا: لا يصح عن الشافعى وكلامه فى الرسالة مؤول بجواز الاجتهاد لا بهذه المسألة.
إذا عرف هذا. فالخلاف فى هذه المسألة يلتفت على أنه -عليه السلام- هل كان له أن يجهد أم لا؟
فإن قلنا: له ذلك، وهو الأصح جاز أن يختار ما خطر بباله ويكون صوابًا، لأن اللَّه تعالى أخبره بذلك (٤).
(١) انظر الإحكام ٤/ ٢٨٢. (٢) هو محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذانى، إمام أصولى فقيه فرضى أديب شاعر عدل ثقة. من شيوخه: الجوهرى، والعشارى، والمباركى. من تلاميذه: عبد القادر الجيلى، وابن ماهر، واين شاتيل. من تآليفه: التمهيد فى الأصول، والهداية فى الفقه، والتهذيب فى الفرائض. ولد عام ٤٣٢ هـ، وتوفى عام ٥١٠ هـ. ذيل طبقات الحنابلة ١/ ١١٦، اللباب ٢/ ٤٩، والفتح المبين ٢/ ١١. (٣) انظره ٢/ ١٢٤. (٤) فى اجتهاد النبى -صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم- ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يجوز له الاجتهاد مطلقًا سواء كان ذلك فى الأحكام الشرعية أو الحروب. وبه قال الشافعى، وأكثر أصحابه، وأحمد، والقاضى عبد الجبار، والقاضى أبو يوسف، وأبو الحسين البصرى. انظر: التبصرة مع الهامش ص ٥٢١، الإحكام للآمدى ٤/ ٢٢٢. الثانى: أنه لا يجوز له الاجتهاد مطلقًا. ربه قال بعض المعتزلة مثل: أبى =