البدل بين شخص ما! وبين شخص معين لا يصدق عليه أنه رجل، فحسن الأسشاء من أجل عموم المحال، وعلى هذا فتقول: جاءنى رجال إلا زيدًا.
والثانى: -وهو الصحيح- المنع (١)؛ لأن النكرة لا تتناول أكثر من فرد بلفظها فيكون الإخراج منها محالًا، ولهذا كانت -إلا- فى قوله تعالى:{لَوْ كان فِيهِمَا آلِهَةٌ}(٢) للوصف لا للاستثناء، ويقوى الأول قوله تعالى:{إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِى خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا}(٣). فإنهم نصوا على أن الجنسية فى المعنى كالنكرة لعدم التعيين، فإما أن يستثنى هذا من محل الخلاف، وإما أن يفرق بينهما.
إذا علمت ذلك فمن قال: إنه عام جوز الاستثناء لأن الاستثناء معيار العموم، ومن منعه قال: ليس بعام. وهم الجمهور.
وقال ابن السراج (٤) فى الأصول: لا يجوز أن تستثنى النكرة من النكرة فى الموجب نحو: جاءنى قوم إلا رجلًا، لعدم الفائدة فى الاستثناء، فإن وصفته
(١) المنع مطلقًا قول الزيدى، وأما الجرجانى فقال: لا يصح الاستثناء من النكرة إلا إذا كانت محصورة مثل قولك: أخذت عشرة إلا درهمًا، لأن الكمية قبل الإخراج وبعده معلومة، ولذا منع الاستثناء فى قوله تعالى: {لو كان فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}. لفساد المعنى عنده. وانظر هذه الأقوال فى الاستغناء فى أحكام الاستثناء للقرافى ص ٣٧٤ - ٣٨١. (٢) جزء من الآية رقم ٢٢ من سورة الأنبياء، وتمامها: {لَوْ كان فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}. (٣) الآية رقم ٢ وجزء من الآية رقم ٣ من سورة العصر. (٤) هو أبو بكر محمد بن السرى بن سهل. أحد الأئمة المشاهير، مجمع على فضله وإمامته فى النحو والأدب. (٥) من شيوخه: المبرد، والزجاج. من تلاميذه: السيرافى، وأبو على الفارسى، وعلى بن عيسى الرمانى. من تآليفه: كتاب الأصول فى النحو، وكتاب حمل الأصول، وكتاب الاشتقاق. توفى عام ٣١٦ هـ. وفيات الأعيان ٣/ ٤٦٢، تاريخ بغداد ٥/ ٣١٩، الفهرست ص ٩٨، المدارس النحوية ص ١٤٠.