فقال:«تأخذ إحداكن سدرتها وماءها فتطهر فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها، فتدلكه دلكًا شديدًا، حتى تبلغ شئون رأسها، ثم تصبُّ عليها الماء»(١).
والشاهد منه: أنه لم يذكر النقض ولو كان واجبًا لذَكره؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة (٢).
٢ - ما أخرجه مسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأنقضه للحيضة وللجنابة؟ فقال:«لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين»(٣).
قالوا: وهذا زيادة (٤)، يجب قبولها، وهذا صريح في نفي الوجوب (٥).
ونوقش من أوجه:
الوجه الأول: أن أكثر روايات الحديث ليس فيها ذكر الحيض، فوجب الأخذ بما رواه الأكثر.
الوجه الثاني: أن قوله «لا» راجع إلى الجنابة لا غير، لأنَّ النص قد ورد بالنقض للحيض، وهو ما جاء في حديث عائشة.
الوجه الثالث: أنه على فرض أنَّ قوله: «لا» راجع إلى الجميع، فإنَّ حديث عائشة ناسخ له، فحديث عائشة زائد حُكمًا ومثبت شرعًا على حديث أم سلمة، والزيادة لا يجوز تركها (٦).
وأجيب عن هذه المناقشات:
بأنَّ مبناها على أنَّ حديث عائشة في الغسل للحيض، وقد بيَّنا فيما
(١) سبق تخريجه. (٢) المغني (١/ ٣٠٠). (٣) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب حكم ضفائر المغتسلة (١/ ٢٦٠). (٤) يقصد ذكر الحيض، إذا أكثر الروايات أن السؤال عن غسل الجنابة. (٥) المغني (١/ ٣٠٠) فتح القدير (١/ ٥٩). (٦) المحلى (٢/ ٥٤).