فِدَاءً﴾ [محمد: ٤]، وقال أصحاب الرأي: إن شاء قتلهم وإن شاء استرقّهم لا غير، لقوله: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ٥]، بعد قوله: ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ [محمد: ٤].
ولنا: على جواز المن والفداء الآية المذكورة، (ومنّه ﷺ على ثمامة وأبي عزة الشاعر)، وقال في أسارى بدر:«لو كان المطعم بن عدي حيا ثم سألني هؤلاء النتنى، لأطلقتهم له»، (وفادى أسارى بدر وغيرهم)" (١).
وهذا يدل على معرفتهم بالحديث، خلافا لما قاله د. حاتم الشريف.
سادسا: أن الإمام محمد بن عبد الوهاب ﵀ موافق لما قاله العلماء في هذه المسألة، قال النووي ﵀: "لو أسلم قبل أسره والظفر به، عُصِم دمه وماله، سواء أسلم وهو محصور وقد قرب الفتح، أو أسلم في حال أمنه، و سواء أسلم في دار الحرب أو الإسلام" (٢).
وقال منصور البهوتي (٣)﵀: "من أسلم من الكفار قبل أسره -ولو كان إسلامه لخوف- فكمسلم أصلي لعموم «فإذا قالوها عصموا مني دماءهم»(٤) … الحديث" (٥).
وفي حاشية الرملي (٦) الكبير من الشافعية: "لو ادعى الإسلام واحد من الكفار قبل أسره، وأقام به شاهداً وامرأتين فإنه يكفيه" (٧).
(١) مؤلفات الشيخ: ٢/ ٣٣٦. (٢) روضة الطالبين: ١٠/ ٢٥٢. (٣) منصور بن يونس بن صلاح الدين ابن حسن بن إدريس البهوتى الحنبلى، شيخ الحنابلة بمصر في عصره. نسبته إلى (بهوت) في غربية مصر. له كتب، منها: الروض المربع شرح زاد المستقنع، وكشاف القناع عن متن الإقناع للحجاوى، وغيرها، توفي عام ١٠٥١ هـ. انظر: النعت الأكمل لأصحاب الإمام أحمد بن حنبل: ٢١٠، السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة: ٣/ ١١٣١. (٤) صحيح مسلم، كتاب الفتن، باب الكف عمن قال: لا إله إلا الله، برقم: ٣٩٢٧. (٥) دقائق أولي النهى لشرح المنتهى: ١/ ٦٢٦. (٦) محمد بن أحمد بن حمزة، شمس الدين الرملي نسبته إلى الرملة (من قرى المنوفية بمصر)، فقيه الديار المصرية في عصره، ومرجعها في الفتوى، يقال له: الشافعي الصغير. وصنف شروحا وحواشي كثيرة، منها: غاية البيان في شرح زبد ابن رسلان، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، وغيرها، توفي عام ١٠٠٤ هـ. انظر: خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر: ٣/ ٣٤٢. (٧) حاشية الرملي الكبير على أسنى المطالب في شرح روض الطالب: ٤/ ٣٦٠. وانظر: الشرح الكبير على متن المقنع: ١٠/ ٤١١، وكتاب الفروع: ١٠/ ٢٦١، وكفاية الأخيار في حل غاية الإختصار: ٥١، وغيرها من كتب الفقه.