الأولى: عدم العجلة، ولا يتكلمون إلا مع التحقيق، فإن التزوير كثير.
الثانية: أن النبي ﷺ كان يعرف منافقين بأعيانهم، ويقبل علانيتهم، ويكل سرائرهم إلى الله، فإذا ظهر منهم، وتحقق ما يوجب جهادهم، جاهدهم" (١).
رابعا: أن الإمام محمد بن عبد الوهاب ﵀ يوجب التثبت والكف عمن أظهر التوحيد والإسلام إلى أن يتبين منه ما يناقض ذلك، يقول ﵀ في قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [النساء: ٩٤].
"فالآية تدل على أنه يجب الكف عنه، والتثبت، فإذا تبين منه بعد ذلك ما يخالف الإسلام قتل، لقوله تعالى: ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ ولو كان لا يقتل إذا قالها لم يكن للتثبت معنى … إلى أن قال: وإن من أظهر التوحيد والإسلام وجب الكف عنه إلى أن يتبين منه ما يناقض ذلك" (٢).
وهذا الذي ذكره الإمام محمد، قرره جمع من المفسرين.
قال الشوكاني ﵀: " والمراد هنا: لا تقول لمن ألقى بيده إليكم واستسلم لست مؤمناً، فالسلم والسلام كلاهما بمعنى الاستسلام، وقيل هما بمعنى الإسلام، أي: لا تقولوا لمن ألقى إليكم التسليم، فقال السلام عليكم: ليست مؤمناً، والمراد: نهي المسلمين عن أن يهملوا ما جاء به الكافر مما يستدل به على إسلامه، ويقول إنه إنما جاء بذلك تعوذاً وتقية" (٣).
وقال ابن سعدي ﵀: "يأمر تعالى عباده المؤمنين، إذا خرجوا جهاداً في سبيله، وابتغاء مرضاته أن يتبينوا في جميع أمورهم المشتبهة، فإن الأمور قسمان: واضحة، وغير واضحة، فالواضحة البينة لا تحتاج إلى تثبت وتبين؛ لأن ذلك تحصيل حاصل.
وأما الأمور المشكلة غير الواضحة، فإن الإنسان يحتاج إلى التثبت فيها والتبين، ليعرف