عطف الخاص على العام ولم يثبت في القرآن ولا في السنة الصحيحة أنه نور عرش الله، أما ما يروى من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلق من نور الله فهو حديث موضوع" (١).
ومن قال بأن نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - خلق من نور؛ فلا بد من أن يبين مراده وإلا فقوله هذا باطل من وجوه:
١ - أن القول بذلك ينافي بشرية نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فإن البشر مخلوقون من التراب لا من النور، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (٢٠)} الروم: ٢٠. وقال - صلى الله عليه وسلم -: (خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم)(٢).
فهذا خبر عام في جميع البشر، فتخصيص نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بأنه خلق من نور يحتاج إلى مخصص، ولا مخصص (٣).
٢ - أن القول بذلك يفضي إلى بعض العقائد الفاسدة كاعتقاد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مخلوق من نور الله تعالى، وأن العالم كله خلق من نوره، وأنه أول المخلوقات، وأن خلقه متقدم على العرش والقلم، وقد التزم جماعة من القائلين بذلك بهذه العقائد (٤).
٣ - أن القول بذلك مأخوذ من بعض الفلسفات القديمة، والنظريات الفاسدة (٥).
(١) فتاوى اللجنة (١/ ٤٦٣)، وينظر: فتاوى اللجنة (١/ ٤٦٦ - ٤٦٧) فتاوى اللجنة (١/ ٤٦٤). (٢) أخرجه مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب في أحاديث متفرقة (٤/ ٢٢٩٤) برقم (٢٩٩٦) من حديث عائشة - رضي الله عنها - به. (٣) ينظر: مجموع الفتاوى (١١/ ٩٤ - ٩٥)، فتاوى ابن عثيمين (١/ ٣٣٣). (٤) ينظر: الفتوحات المكية لابن عربي الطائي (١/ ١١٩)، الإنسان الكامل لعبد الكريم الجليلي (٢/ ٤٦)، الإبريز لأحمد بن المبارك (ص ٢٥٢). (٥) ينظر: الجواب الصحيح (٣/ ٣٨٤)، حقيقة الصوفية لأول مرة في التاريخ لعبد الرؤوف القاسم (ص ٢٨٠)، التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق لزكي مبارك (١/ ٢١٠، ٢٧٩، ٢٠١)، الانحرافات العقدية عند الصوفية لإدريس محمود إدريس (١/ ٣٩٣)، خصائص المصطفى بين الغلو والجفاء (١٠٠ - ١٠٩).