يقرر الشيخ - رحمه الله - خطر هذه الأقوال؛ فيقول:"يجري على ألسنة كثير من المسلمين من قولهم: ما شاء الله وشئت، لولا الله وأنت، ونحو ذلك، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، وأرشد من قاله إلى أن يقول:(ما شاء الله وحده- أو- ما شاء الله ثم شئت)؛سداً لذريعة الشرك الأكبر من اعتقاد شريك لله في إرادة حدوث الكونيات ووقوعها، وفي معنى ذلك قولهم: توكلت على الله وعليك، وقولهم: لولا صياح الديك أو البط لسرق المتاع"(١).
عن قتيلة (٢) - رضي الله عنها -: أن يهودياً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إنكم تُشركون؛ تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة. (فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أرادوا أنْ يحلفوا، أنْ يقولوا: ورب الكعبة، ويقولوا: ما شاء الله ثم شئت)(٣).
"والعبد وإن كان له مشيئةٌ فمشيئته تابعة لمشيئة الله، ولا قدرة له على أن يشاء شيئاً إلا إذا كان الله قد شاءه، كما قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٩)} التكوير: ٢٨ - ٢٩، وقوله: {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (٢٩) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (٣٠)} الإنسان: ٢٩ - ٣٠.
وفي هذه الآيات والحديث: الردُّ على القدرية والمعتزلة نفاة القدر، الذين يُثبتون للعبد مشيئةً تخالف ما أراده الله تعالى من العبد وشاءه.
(١) فتاوى اللجنة (١/ ٧٤٨). (٢) بِمُثَنَّاه مصغَّرة- بنت صيفي الأنصارية، صحابية مهاجرة، لها حديث في سنن النسائي، وهو الحديث المذكور، ورواه عنها عبد الله بن يسار الجُعفي. ينظر: الوافي بالوفيات (٧/ ٢٢٨). (٣) أخرجه النسائي في كتاب الأيمان والنذور، الحلف بالكعبة برقم (٤٦٩٦)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن النسائي برقم (٣٧٧٣).