لما ذكر مُبتغَى العابدين بعبادتهم هنا قال:{يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا}، وحين ذكر وعده لهم قال:{لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}(فاطر: ٣٠). وفيه «إشارة إلى معنى لطيف؛ لأنَّ الله تعالى إذا قال:(لكم أجر) كان ذلك منه تَفَضُّلًا، وإشارة إلى أنَّ عملكم جاء على ما طلب الله منكم؛ لأنَّ الأُجرة لا تُسْتَحَقُّ إلا على العمل الموافق للطَّلب من المالك، والمؤمن إذا قال: أنا أبتغي فضلك يكون منه اعترافًا بالتَّقصير؛ فقال:{يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ}، ولم يقل: أجرًا» (١).
قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: «ليس في كتاب الله آية واحدة يمدح فيها أحدًا بنسبه، ولا يذم أحدًا بنسبه؛ وإنما يمدح بالإيمان والتقوى، ويذم بالكفر والفسوق والعصيان»(٢).
٤٢ - قال تعالى: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (٤٢)} (النجم).
قال ابن القيم - رحمه الله -: «قوله سبحانه: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (٤٢)} (النجم) مُتَضَمِّن لكنز عظيم، وهو أن كل مُراد إن لم يُرَد لأجل الله ويتصل به وإلا فهو
(١) مفاتيح الغيب (٢٨/ ٨٩). (٢) مجموع الفتاوى (٣٥/ ٢٣٠).