قال ابن هُبيرة - رحمه الله -: «قرأ عَلَيَّ قارئ: {قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي (٨٤)} (طه)، ففكرت في معنى إسقاط (ها)(٢) فنظرت فإذا وَضْعها للتنبيه، والله لا يجوز أن يُخاطَب بهذا، ولم أر أحدًا خاطب الله - عز وجل - بحرف التنبيه إلا الكفار، كما قال - عز وجل -: {قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ}(النحل: ٨٦)، {رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا}(الأعراف: ٣٨)، وما رأيت أحدًا من الأنبياء خاطب ربه بحرف التنبيه، والله أعلم. فأما قوله: {وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (٨٨)} (الزخرف)، فإنه قد تقدم الخطاب بقوله:{يَارَبِّ}، فبقيت (ها) للتمكين» (٣).
قال: «ولما خاطب الله - عز وجل - المنافقين قال:{هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}(النساء: ١٠٩)، وكرم المؤمنين بإسقاط (ها)، فقال:{هَاأَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ}(آل عمران: ١١٩)، وكان التنبيه للمؤمنين أخف» (٤).
(١) بدائع الفوائد (٣/ ٥٢ - ٥٤). (٢) في الأصل: «فأفكرت في معنى اشتقاقها»، والمثبت أعلاه من ترجمة ابن هبيرة في مقدمة الإفصاح. وهو أوضح في المعنى. (٣) ذيل طبقات الحنابلة (٢/ ١٤٤). (٤) السابق.