أحدها: أن أشهد، وأحلف، وأعزم، كلها أيمان (١) تجب فيها الكفارة، وهو قول النخعي وأبي حنيفة والثوري. وقال ربيعة والأوزاعي: إذا قال: أشهد لا أفعل كذا، ثم حنث، فهي يمين.
ثانيها: أن أشهد: لا تكون يمينًا حتى يقول: أشهد (بالله)(٢)، وإن لم يرد ذلك، فليست بأيمان، قال ابن خواز منداد: وضعف مالك: أعزم بالله، وكأنه لم يره يمينًا إلا أن يريد به اليمين (٣)؛ لأنه (يكون)(٤) على وجه الاستعانة، فيقول الرجل: أعزم بالله، (وأصول بالله)(٥)، كأنه يقول: أستعين بالله، ولا يجوز أن يقال: إن قول انرجل: أستعين بالله يكون يمينًا.
ثالثها: أن أشهد بالله وأعزم بالله كناية، حكاه المزني، عن الشافعي، وحكى الربيع عنه: إن قال: أشهد، وأعزم، ولم يقل: بالله، فهو كقوله: والله، وإن قال: أحلف فلا شيء عليه، إلا أن ينوي به اليمين (٦).
واحتج الكوفيون بقوله تعالى:{وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}[المنافقون: ١]، ثم قال:{اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً}[المنافقون: ٢] فدل أن قول القائلين: أشهد. يمين؛ لأن هذا اللفظ عبارة عن القسم، وإنما يحذف اسم الله اكتفاء بما يدل عليه اللفظ.
(١) "مختصر اختلاف العلماء" ٣/ ٢٣٧. (٢) في الأصل: بما فيه. والمثبت من (ص ٢). (٣) "المدونة" ٢/ ٣٠. (٤) في الأصل: لا يكون، والمثبت من "شرح ابن بطال". (٥) من (ص ٢). (٦) "الأم" ٧/ ٥٦.