بني إسرائيل فسألهم، إلا أنه لمّا عُلِّق السؤال ببني إسرائيل كُنِّى عنهم [في قوله:{جَاءَهُمْ} والمراد: إذ جاء آباءهم الذين كانوا في ذلك الوقت، ولكنهم لمَّا كانوا من بني إسرائيل كنى عنهم] (١)؛ لتقدم ذكر بني إسرائيل في الجملة، وقوله:{فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} اعتراض دخل في كلام متصل.
وقال أهل المعاني في معنى هذا السؤال: إن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أُمر بأن يسألهم لا ليعرف ذلك من جهتهم، ولكن لينكشف لعامة اليهود بقول علمائهم صِدقُ ما أتى به وأَخْبَر عنه، فيكون هذا السؤال سؤال استشهاد.
وقوله تعالى:{فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا}، قيل في المسحور هاهنا: إنه بمعنى الساحر؛ كالمشؤوم والميمون، وذكرنا هذا في قوله:{حِجَابًا مَسْتُورًا}[الإسراء: ٤٥] هذا قول الفراء وأبي عبيدة (٢)، وقيل: إنه مفعول من السحر؛ أي أنك قد سُحِرت فأنت تحمل نفسك على هذا الذي تقوله للسحر الذي بك (٣).
وقال محمد بن جرير: أي مُعْطَى عِلْم السحر، فهذه العجائب التي تأتي بها من سحرك (٤)، فأجابه موسى:
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (د). (٢) ليس في المعاني ولا المجاز، وورد في "تفسير الثعلبي" ٧/ ١٢٢ ب، بنحوه عنهما، وهو مصدره، وانظر: "تفسير البغوي" ٥/ ١٣٥، و"القرطبي" ١٠/ ٣٣٦، عنهما، و"ابن الجوزي" ٥/ ٩٤، و"الفخر الرازي" ٢١/ ٦٥، كلاهما عن الفراء. (٣) ورد نحوه في "تفسير الطبري" ١٥/ ١٧٣ - ١٧٤، و"الماوردي" ٣/ ٢٧٨، و"الطوسي" ٦/ ٥٢٨. (٤) "تفسير الطبري" ١٥/ ١٧٣ - ١٧٤، بنحوه، وورد في "تفسير الثعلبي" ٧/ ١٢٢ ب بنصه، والظاهر أنه اقتبسه منه لا من الطبري.